الدكتور حسن موسى
الدكتور حسن موسى
أخصائي في طب الأعصاب في مركز كليمنصو الطبي في بيروت
”علاجات متقدّمة لمرض باركنسون تبطئ تطور المرض“
استفاد مرضى داء باركنسون من التطورات الطبية في الحقبة الأخيرة بشكل ملحوظ حيث يتوافر اليوم مجموعة كبيرة من الأدوية التي يمكن أن يتناولها المريض بجرعات أقل يومياً وبفعالية أكبر، وفق ما تحدّث به الدكتور حسن موسى الأخصائي في طب الأعصاب في مركز كليمنصو الطبي في بيروت إلى مجلة “المستشفى العربي”. وفي ما يلي نص الحوار.
كيف لنا أن نعرّف مرض باركنسون؟ هل يحدث فقط مع التقدم في السن؟
يعود تشخيص مرض باركنسون إلى العام 1817 من قبل الطبيب الإنكليزي جايمس باركنسون أول من وصف مرض الشلل الرعاش إكلينيكيًا. منذ ذلك الحين بدأت الأبحاث تتزايد شيئاً فشيئاً إلى أن وصلنا إلى هذا الكم من المعلومات حول هذا المرض. يُصنّف هذا المرض على أنه مرض عصبي دماغي بسبب نقص مادة الدوبامين ما يتسبّب في إرتعاش في الأطراف وبطء حركة الجسم.
يحدث هذا المرض مع التقدم في السن ونادراً ما يصيب من هم دون الخمسين عاماً إلا في حالات نادرة كتوافر العامل الوراثي بمعنى حدوث مرض باركنسون لدى أحد الوالدين قبل عمر الخمسين. الإحصاءات في مجال مرض باركنسون تظهر انه يصيب 1 أو 2 من كل ألف شخص.
هل من عوامل تزيد من خطر الإصابة يمكن تجنّبها؟
في الواقع، تناولت الدراسات والأبحاث الكثير من العوامل التي تسهم في حدوث مرض باركنسون ولكنها برهنت كذلك أن ليس لديها أي دور بارز في زيادة خطر الإصابة من عدمه؛ باستثناء العامل الوراثي لاسيما في الحالات التي يبدأ فيها المرض في عمر مبكر أي أقل من عمر الخمسين، عند ذلك يمكن أن يرث أحد الأبناء المرض.
ماذا عن الأعراض؟ وهل يمكن الوقاية من تطور المرض في المراحل الأولى؟
العارض الرئيسي لمرض باركنسون هو الرعشة في الأطراف عند عدم القيام بأي حركة أي أثناء الراحة ترتجف الأطراف، بالإضافة إلى بطء الحركة وتصلب العضلات مثل تصلب الذراعين وعدم القدرة على تحريكهما أثناء المشي.
في المراحل الأولى من المرض تكون الأعراض خفيفة ويمكن أن يتعايش معها المريض من دون أن تؤثر على حركته ونشاطه وقد تستمر لسنوات.
لكن مع مرور السنوات وتقدم الحالة، تتطور الأعراض فتزيد نسبة البطء في الحركة عند المريض ما يجعله يعتمد بشكل يومي على المساعدة في الحركة. في الواقع لا يمكن الوقاية من تطور المرض، لكن تطوّر المرض يحدث بنسب متفاوتة بين مريض وآخر حيث أن الصحة العامة للمريض تلعب دوراً أساسياً في ذلك؛ اتباع نمط حياة صحي يشمل عدم التدخين وتناول الطعام الصحي وتجنب زيادة الوزن والبدانة وممارسة الرياضة بانتظام كلها عوامل تسهم في تأخر ظهور الأعراض في معظم مراحل المرض.
ما هي المعايير المتبعة لتحديد بروتوكول العلاج المناسب مثل مرحلة المرض أو عمر المريض وغيرها؟
لابد من الإشارة في البداية انه لا علاج نهائي لمرض باركنسون لكن الهدف من تناول الادوية هو الحد من تطور الأعراض وتأخيرها. الأساس في علاج مرض باركنسون هو تعويض نقص مادة الدوبامين في الدماغ، فيُعطى المريض دواء
Carbidopa وLevodopa الأكثر فعالية لداء باركنسون، وهو مادة كيميائية طبيعية تمر إلى داخل الدماغ وتتحول إلى دوبامين لتبقى أطول فترة ممكنة في الجسم. هناك بعض الأدوية تسمى Dopaminergic Agent شبيهة بالـ L-DOPA تُعطى مرة او مرتين في اليوم.
مرحلة العلاج بواسطة الدواء تستمر لفترة طويلة قد تصل إلى نحو عشر سنوات فيبقى المريض على حاله طوال هذه الفترة.
هناك جراحات للحالات المتقدمة التي لم تستجب للعلاج الدوائي، حيث يقوم الجراح بوضع شريط حديدي (stimulater) في منطقة عميقة في الدماغ تُعطي إشارات كهربائية متواصلة تُسهم في تخفيف التيبس الحاصل لدى مريض باركنسون. وهناك نوع آخر من الجراحات لاستهداف مناطق في عمق الدماغ بالأشعة فإذا تم تدمير مناطق صغيرة يمكن أن تتحسّن الرعشة؛ يلجأ الأطباء إلى هذا الخيار بعد فشل الجراحة الأولى.
كيف استفاد مرضى باركنسون من التطورات الطبية والعلاجية في الحقبة الأخيرة؟
العلاجات الدوائية المتوفرة اليوم ممتازة والتطورات التي حدثت في الحقبة الأخيرة تمحورت حول الحد من الجرعات الدوائية حيث يتوافر اليوم أدوية يتناولها المريض مرة أو مرتين يومياً بدلاً من تعدد الجرعات. الأبحاث في هذا المجال تسير على قدم وساق وتشمل زرع خلايا جذعية والتي أظهرت بعض التحسن في المختبر ولكن حتى الآن لم نصل الى التحسن المقنع لدى البشر إلا أن الأبحاث جارية بمستويات سريعة ونأمل أن نصل إلى نتائج إيجابية في المستقبل.