الدكتورة مايا بركه
الأخصائية في أمراض الغدد والسكري في مركز كليمنصو الطبي
الدكتورة مايا بركه
“المرأة والرجل متساويان من حيث خطورة زيادة الوزن”
يتشابه الرجل والمرأة من حيث الآثار السلبية الناتجة عن السمنة وزيادة الوزن، فكلاهما عرضة لأمراض عدة كالسكري والقلب وارتفاع ضغط الدم ودهون الكبد والسرطان في بعض الأحيان وغيرها الكثير، مع وجود بعض الاختلافات بينهما من حيث الهرمونات. عن مخاطر السمنة وانعكاسها على الصحة بشكل عام تحدّثنا الدكتورة مايا بركه، الأخصائية في أمراض الغدد والسكري في مركز كليمنصو الطبي في بيروت.
أمراض ومشاكل صحية مشتركة
بالنسبة للمشاكل الصحية المشتركة بين الرجال والنساء، تقول الدكتورة بركه: “تعتبر السمنة بحد ذاتها مرض ينتج عنه العديد من المشاكل الصحية والأمراض منها على سبيل المثال لا الحصر السكري من النوع الثاني، ارتفاع ضغط الدم، الدهون على الكبد، آلام المفاصل، أمراض القلب والشرايين، انقطاع التنفس أثناء النوم، مع احتمال حدوث مشاكل حادة في الأعضاء المرتبطة بالسمنة في المراحل المتقدمة من المرض”.
ماذا عن إختلاف تأثير السمنة على كل من الرجل والمرأة؟
في الواقع، الإختلاف هنا ناتج عن الاختلاف في الهرمونات بين الرجل والمرأة والمقصود هنا هرمون الذكورة لدى الرجال “التستوستيرون” وهرموني الأنوثة لدى النساء “الاستروجين” “والبرجيسترون”. لدى الرجال، فإن زيادة الوزن او السمنة يمكن أن تؤدي الى خمول في عمل الغدة النخامية ما ينعكس سلباً على معدلات هرمون التستوستيرون فينخفض وبالتالي تنخفض معه الرغبة الجنسية وكذلك القدرة على الإنجاب. يمكن أن تتفاقم الحالة في حال ترافق ذلك مع وجود أمراض ومشاكل صحية أخرى مرتبطة بالسمنة كالسكري.
لدى النساء، من الممكن أن تؤثر السمنة أو زيادة الوزن على معدل الهرمونات الأنثوية الاستروجين والبروجيسترون؛ والنتيجة اضطرابات في الدورة الشهرية وصعوبة في الحمل وفي حال حدوث الحمل تكون السيدة عرضة أكثر للتعقيدات والمضاعفات الصحية الناتجة عن اكتسابها المزيد من الوزن خلال أشهر الحمل مثل سكري الحمل وارتفاع ضغط الدم وغيرها الكثير. لذلك، ننصح المرأة بخسارة بعض الكيلوغرامات الزائدة قبل اتخاذ قرار الحمل. إذن، المبدأ هو ذاته بين الرجل والمرأة مع اختلاف الهرمونات لدى كل منهما.
محيط الخصر والكرش لدى الرجل
لعل أكثر مظاهر السمنة خطورةً لدى الرجال هي الكرش على عكس المرأة التي تتميز بتراكم الدهون في الأرداف مع إمكانية تراكمها في البطن خصوصاً بعد دخولها في سن اليأس.
ما هي مخاطر السمنة على محيط الخصر؟ وما الفرق بينها وبين باقي انحاء الجسم؟
تقول الدكتورة بركه إن محيط الخصر هو دلالة على كمية الدهون الموجودة في هذه المنطقة وهي تسمى الدهون الحشوية Visceral Fats وتتواجد بين أعضاء الجسم الداخلية وتشكل خطراً على الصحة لما يمكن أن ينتج عنها من أمراض. مع الإشارة الى أنه في بعض الأحيان يمكن أن يكون مؤشر كتلة الجسم ضمن معدلاته الطبيعية ولكن يعاني الرجل من وجود الكرش والدهون الحشوية ما يستدعي اتباع الارشادات الصحية للتخلص منه والوقاية من الأمراض.
وفي هذا الإطار، تتحدث الدكتورة بركه عن الدهون لتؤكد أنها ليست كلها متشابهة، فهناك الدهون الجيدة المتواجدة تحت الجلد والتي يمكن إزالتها لأهداف تجميلية من دون أن يتأثر الوزن بل فقط على الشكل. أما دهون محيط الخصر فهي أكثر خطورة على أعضاء الجسم كافة لما يمكن أن ينتج عنها من أمراض.
علاج الدهون الحشوية يكون بخسارة الوزن بالطرق المختلفة؛ ورغم أن الجسم كله يفقد الوزن وليس فقط البطن.
تؤكد الدكتورة بركه: “خسارة خمسة الى عشرة بالمئة من الوزن كفيل في إبعاد شبح الامراض وهو ما نراه من خلال المتابعات مع المرضى في العيادات، حيث شهدنا انخفاضاً ملحوظا في معدلات السكري ودهون الكبد والكوليسترول وغيرها. في مثل هذه الحالات، الهدف ليس الوصول الى الوزن المثالي، رغم أهميته، بل جلّ ما نسعى إليه هو الوقاية من الأمراض”.
إذن، الكرش الذي يسميه البعض “كرش الوجاهة” هو في الواقع كرش المشاكل الصحية لأنه ناتج عن دهون غير صحية متواجدة بين الأعضاء ويمكن أن تؤدي الى مشاكل صحية أخرى.
مشاكل الغدد وعلاقتها بالسمنة
عن العلاقة بين مشاكل الغدد وزيادة الوزن، تقول الدكتورة بركه إن خمول الغدة الدرقية يمكن أن ينتج عنه زيادة في الوزن وكذلك وجود مشكلة ما في الغدة النخامية أو زيادة في إفراز هرمون الكورتيزون؛ كلها عوامل تساعد في زيادة الوزن.
لكن مشاكل الغدد هي سبب ثانوي لزيادة الوزن وسرعان ما ينخفض الوزن بمجرد تناول الأدوية والعلاجات اللازمة، وهؤلاء يشكلون نسبة قليلة فقط لكن طلب فحوصات الغدد ضروري في بداية مسار علاج السمنة للكشف عمّا إذا كان هناك خلل ما ليتم تحديد العلاج المناسب.
العامل الوراثي
يعتبر العامل الوراثي مهم جداً في حدوث السمنة وكذلك معدل حرق الدهون وهو أول ما نسأل عنه عند زيارة المريض لأننا في كثير من الأحيان نراه ضمن أفراد العائلة الواحدة.
لكن، تؤكد الدكتورة بركه إمكانية السيطرة على هذا العامل من خلال اتباع نمط غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية حيث أثبتت الدراسات أن هذه الخطوات كفيلة في الحد من مخاطر العامل الوراثي من حيث السمنة واكتساب الوزن وبالتالي الوقاية من الأمراض.