ألفت برو
”نعمل من أجل رعاية صحية شخصية بتقنيات متقدمة“
ألفت برو، رئيسة منطقة الشرق الأوسط في ”شركة روش الشرق الأوسط“
في حوار خاص مع مجلة ”المستشفى العربي“، تحدثت السيدة ألفت برو، رئيسة منطقة الشرق الأوسط في شركة ”روش الشرق الأوسط“، عن تأثير التكنولوجيا الحديثة على مستقبل الرعاية الصحية في المنطقة. وناقشت خلال الحوار التأثيرات التي تحدثها التكنولوجيا الحديثة على مستقبل الرعاية الصحية، وكيف تسهم في تيسير الوصول إلى العلاجات المتخصصة في المنطقة. كما سلّطت الضوء على كيفية استفادة شركة روش من التقنيات المتقدمة لتعزيز الرعاية الفردية للمرضى وتقديم حلول شاملة.
كيف ترين تأثير التكنولوجيا الحديثة على مستقبل الرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط؟
تعد التكنولوجيا الحديثة، وخاصة الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلّم الآلي (ML)، محورية في ثورة الرعاية الصحية في الشرق الأوسط، ويظهر تأثيرها بشكل فوري وطويل المدى. تساعد هذه التقنيات في العديد من الجوانب، من تشخيص الأمراض بدقة أكبر، إلى تخصيص العلاجات للمرضى الفرديين، وحتى تسريع تطوير الأدوية المنقذة للحياة. في النهاية، يعمل الذكاء الاصطناعي على تحويل تجربة المريض في كل مرحلة من مراحل رحلته. نحن نعمل في روش، مع شركائنا لزيادة الفوائد التي يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي. في ديسمبر 2021، دخلنا (روش وGenentech) في شراكة مع شركة Recursion Pharmaceuticals للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية، لا سيما في مجالات الأعصاب والأورام. تهدف هذه الشراكة إلى استخدام منصة Recursion التكنولوجية لتحليل مجموعات ضخمة من البيانات البيولوجية والكيميائية، مما يسهل تحديد الأهداف العلاجية الجديدة. يستغرق تطوير الأدوية من 12 إلى 18 عامًا، بتكلفة تتراوح بين 2 إلى 3 مليارات دولار أمريكي، مع نسبة قبول لا تتجاوز 10٪. يمكن لهذه التقنيات تسريع البحث والتطوير، وتقليل التكاليف، وزيادة فرص الموافقة على الأدوية.
علاوة على ذلك، تعمل أدوات التشخيص المدفوعة بالذكاء الاصطناعي بشكل كبير على تحسين طرق اكتشاف الحالات المرضية مثل السرطان، وأمراض القلب، وأمراض العين، مما يتيح الكشف المبكر عنها ويؤدي إلى نتائج علاجية أفضل.
في مجال أمراض العين، على سبيل المثال، سيحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال طب العيون من خلال اكتشاف الأمراض بشكل أسرع وأكثر دقة، وبطريقة يمكن الوصول إليها من قبل عدد أكبر من الناس. باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للخوارزميات المتقدمة تحليل مسح العين في ثوانٍ، وتحديد علامات المرض المبكرة بدقة عالية. هذا يعني تشخيصًا مبكرًا، مما يسمح للأطباء ببدء العلاج في وقت مبكر ومنع فقدان الرؤية. يمكنه أيضًا أتمتة عمليات التشخيص وتحسين كفاءة الرعاية، خاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط حيث يكون تواجد أطباء العيون محدودًا.
من خلال الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي المذكورة أعلاه، يمكن لقطاع صناعة الأدوية دفع العلم إلى الأمام، وضمان الوصول المتساوي إلى الرعاية الصحية، بتكاليف أقل. بالنظر إلى المستقبل، فإن دور الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية سيستمر في النمو. إن الإمكانات التي يحملها لتحويل مشهد الرعاية الصحية مدهشة للغاية، ومن الواضح أن مستقبل الرعاية الصحية في الشرق الأوسط سيتشكل بواسطة هذه التقنيات.
كيف تسهم التكنولوجيا في تسهيل الوصول إلى العلاجات المتخصصة في المنطقة، خاصة مع تنامي الاحتياجات الصحية؟
الجغرافية. تتيح حلول الصحة الرقمية، مثل الرعاية عن بُعد والتشخيص المدعوم بالذكاء الاصطناعي، التعرف المبكر والدقيق على الحالات المرضية، مما يضمن وصول المرضى إلى الاختصاصيين المناسبين بشكل أسرع. كما أن البيانات المستخلصة من السجلات الصحية الإلكترونية، والأجهزة القابلة للارتداء، والتحليلات المتقدمة تمكّن الاختصاصيين في الرعاية الصحية من تخصيص خطط العلاج واتخاذ قرارات مستنيرة لتحسين نتائج المرضى.
بالنسبة للمجتمعات التي تعاني من نقص في الخدمات، تساعد هذه الابتكارات في سد الفجوات من خلال توفير الاستشارات عن بُعد والمراقبة في الوقت الفعلي، مما يضمن استمرارية الرعاية بغض النظر عن الموقع. علاوة على ذلك، يمكن لصناع السياسات وأنظمة الرعاية الصحية الاستفادة من رؤى البيانات لتحسين تخصيص الموارد، مما يضمن وصول العلاجات المتخصصة إلى أولئك الذين يحتاجون إليها أكثر.
نحن ملتزمون في روش، بالاستفادة من الأنظمة الرقمية والتعاون مع مبتكري التكنولوجيا الصحية لإنشاء تجربة رعاية صحية مترابطة وسلسة. من خلال دمج التكنولوجيا الحديثة، نحن نسهل إمكانية الوصول إلى العلاجات المتخصصة ونجعلها أكثر عدالة، وفعالية في جميع أنحاء المنطقة. كمثال على التزامنا في المنطقة ، شراكتنا مع مايكروسوفت و Lunit Global لتوفير أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تعزز تشخيص سرطان الثدي في بعض دول الشرق الأوسط. تم تطبيق هذه الأداة في مصر والعراق، التي تحلل صور الأشعة السينية للثدي بدقة تصل إلى 96%، مما يساعد في تحديد المناطق السرطانية وحساب درجات الاضطرابات، مما يتيح الكشف المبكر والدقيق.
ما هي أهم التحديات التي تواجه قطاع التكنولوجيا الصحية في العالم العربي؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟
عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، هناك تقدم واعد في تطوير تكنولوجيا الرعاية الصحية. لقد حققت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، تقدمًا ملحوظًا من خلال استثمارات ضخمة واعتماد سريع للتقنيات المتقدمة. هذه الدول تصنف قيادية على صعيد الابتكار في المنطقة، حيث تتبنى الحلول المتطورة لمعالجة تحديات الرعاية الصحية. ويظهر هذا الزخم إمكانيات المنطقة في التحول إلى مركز للتقدم في تكنولوجيا الرعاية الصحية. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات إذ تواجه العديد من دول الشرق الأوسط صعوبات اقتصادية، وتعاني من عدم استقرار سياسي، وهجرة الأدمغة، مما يعيق التقدم الواسع. تزيد القيود المالية والنقص في البنية التحتية في بعض المناطق من صعوبة دعم التقنيات المتقدمة. كما تؤثر الظروف في بعض البلدان على الاستثمار والابتكار اللازمين لتحقيق التغيير المستدام وتجعلهما أكثر صعوبة. لكن تتمثل المشكلة الأبرز بانتقال العلماء والباحثين والمهنيين المتخصصين في التكنولوجيا إلى مناطق أخرى، مما يحد من توفر المواهب اللازمة للنمو التكنولوجي.
بينما أحرزت كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تقدمًا ملحوظًا في مجال التكنولوجيا الصحية، إلا أنه لا يزال أمامهما طريق طويل قبل سد الفجوة بالكامل مع الدول الرائدة عالميًا. فعلى الرغم من التطورات السريعة، لا تزال معظم دول المنطقة تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا والخبرات الغربية.
وهنا تبرز الحاجة الملحة إلى الاستثمار بشكل أكبر في الابتكار المحلي، وتطوير الكفاءات، وتعزيز البنية التحتية لبناء منظومة تكنولوجيا صحية أكثر استقلالية وتنافسية. يمكن أن يُحدث تعزيز قدرات المنطقة في مجالي الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي تحولًا جوهريًا في استدامة الرعاية الصحية، وهو أمر بالغ الأهمية للعديد من الدول منخفضة ومتوسطة الدخل في الشرق الأوسط. من أبرز التحديات نقص البنية التحتية الصحية في بعض الدول، وهجرة الكفاءات الطبية، ونقص التمويل اللازم لتطوير التكنولوجيا الصحية. يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في تدريب الكوادر الطبية، ودعم مبادرات الابتكار الصحي.
لتجاوز بعض هذه التحديات، يعتبر التعاون بين القطاعين العام والخاص أمرًا أساسيًا. يعتبر كل من الاستثمار في مراكز التكنولوجيا المحلية، وإنشاء فرص للاحتفاظ بالمواهب، وجلب الشراكات والتكنولوجيا المحلية والدولية خطوات حاسمة نحو التقدم. لقد أقامت روش العديد من هذه التعاونات في منطقة الشرق الأوسط. في الأردن، أجرينا شراكة مع شركة الحوسبة الصحية (EHS)، حيث ندعم نموذج الرعاية الصحية القائم على القيمة لعلاج أمراض مثل الهيموفيليا، باستخدام نماذج تعتمد على البيانات لتحسين الوصول إلى المرضى وتحقيق نتائج أفضل. يمتد هذا الالتزام بالابتكار إلى الإمارات، حيث نعمل مع “دائرة الصحة في أبوظبي” (AD-DoH) لوضع إطار تقييم تكنولوجيا الصحة (HTA)، لضمان توفر العلاجات الفعالة مع دعم رؤية الدولة لتصبح مركزًا رائدًا في علوم الحياة.
في العراق، تعاوننا مع وزارة الصحة في تبني التشخيصات والعلاجات المبتكرة باستخدام الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن الأمراض وتحسين رعاية المرضى. وفي لبنان، ترتكز شراكتنا مع الجامعة الأمريكية في بيروت ومركزها الطبي على تعزيز الرعاية الصحية المستدامة من خلال الرقمنة والذكاء الاصطناعي، مما يحسن مسارات العلاج ويبني نظام رعاية صحية أكثر مرونة واستعداداً للمستقبل.
كيف تستفيد روش من التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز الرعاية الشخصية للمرضى وتقديم حلول متكاملة؟
تعد رعاية المرضى الشخصية جزءًا أساسيًا من مهمتنا في روش. فنحن ملتزمون بدفع الرعاية الصحية للأمام، مع تصور مستقبل حيث يتم تخصيص العلاجات لتلبية احتياجات كل مريض الفريدة وتركيبته الجينية. تتيح التقنيات المتقدمة والتحول الرقمي إمكانيات هائلة، بدءًا من الكشف المبكر عن الأمراض وصولًا إلى خطط الوقاية والعلاج المخصصة. تساعد التقنيات الرقمية في تقديم نصائح صحية وتدخلات مخصصة بناءً على البيانات الفردية، بدءًا من خطط نمط الحياة المخصصة وصولاً إلى التذكير بمواعيد الأدوية ومراقبة الأمراض.
يتيح هذا المستوى من التخصيص للمرضى أن يلعبوا دورًا أساسياً في إدارة صحتهم، مما يؤدي إلى نتائج أكثر فعالية واستدامة.
الطرق الرئيسية التي تستفيد بها روش من التكنولوجيا المتقدمة:
تحسين وتسريع البحث والتطوير:
- تحليلات البيانات المتقدمة والرؤى المدفوعة بالذكاء الاصطناعي: تحدث هذه التقنيات ثورة في كيفية اكتشافنا وتطويرنا للأدوية الجديدة. من خلال دمج الأدلة الواقعية وبيانات المرضى في البحث والتطوير، يمكننا تحديد المرشحين الواعدين للأدوية بسرعة أكبر وتسريع التجارب السريرية.
- الأتمتة: تعزز كفاءة عمليات التصنيع، مما يضمن وصول العلاجات المنقذة للحياة إلى المرضى بسرعة أكبر.
توفير اختبارات أسرع وأكثر دقة ودعم القرارات السريرية:
- أدوات تشخيصية متطورة: تحسن هذه الأدوات من دقة وسرعة الكشف عن الأمراض، مما يتيح للمحترفين في الرعاية الصحية الحصول على رؤى فورية لاتخاذ
- قرارات مدروسة، مما يؤدي إلى تدخلات مبكرة ونتائج أفضل للمرضى.
- دعم القرارات المدعوم بالذكاء الاصطناعي: يساعد دمج البيانات السريرية مع الذكاء الاصطناعي الأطباء على تخصيص العلاجات بدقة أكبر.
تقديم حلول رعاية صحية شخصية أفضل:
- تحليل البيانات الجينية والجزيئية: من خلال تحليل البيانات الجينية والجزيئية، تطور روش العلاجات التي تناسب التركيبة البيولوجية الفريدة لكل مريض. يقدم الطب الدقيق نهجًا مخصصًا يتجاوز الأسلوب الموحد للجميع، مما يوفر علاجات مستهدفة تحسن الفعالية وتقلل من الآثار الجانبية.
- حلول الصحة الرقمية: يتيح الرصد عن بُعد، والتقييمات الصحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وخطط العلاج الشخصية للمرضى أن يلعبوا دوراً فاعلاً في إدارة صحتهم.
في النهاية، يضمن دمج روش للتكنولوجيا المتقدمة تحسين البحث والتطوير، وتوفير تشخيصات أسرع وأكثر دقة، وتقديم رعاية شخصية، مما يؤدي إلى تحسين نتائج المرضى.
مع التركيز على البيانات الرقمية والحوكمة، كيف تعزز التكنولوجيا الوصول إلى المعلومات الطبية الدقيقة والمحدثة للمرضى والأطباء؟
تسلط الاستراتيجية العالمية للصحة الرقمية لمنظمة الصحة العالمية (2020-2025) الضوء على كيفية إحداث التحول الرقمي لثورة في الرعاية الصحية من خلال تحسين التشخيص وقرارات العلاج، وتوفير أدوات تتيح للمهنيين الصحيين الوصول إلى معلومات طبية دقيقة ومحدثة في الوقت الفعلي. مع تضاعف البيانات الطبية كل 73 يومًا، أصبح الاستفادة من الحلول الرقمية أمرًا ضروريًا لضمان حصول الأطباء والمرضى على معلومات موثوقة لاتخاذ قرارات مستنيرة.
أحد أكثر الابتكارات تأثيرًا هو السجلات الصحية الإلكترونية (EHRs) ، التي تخزن سجلات المرضى بشكل رقمي شامل، ما يضمن حصول مقدمي الرعاية الصحية على معلومات طبية محدثة ودقيقة بشكل فوري، مما يؤدي إلى قرارات سريرية أفضل وسلامة محسنة للمرضى.
في السياق نفسه، تُتيح أنظمة تبادل المعلومات الصحية HIE للمستشفيات والعيادات والمنشآت الصحية الأخرى تبادل المعلومات الطبية بشكل آمن في الوقت الفعلي، مما يضمن أن تكون أحدث البيانات الطبية متاحة عند الحاجة. على سبيل المثال، أطلقت هيئة الصحة بدبي منصة “سلامة” لتبادل المعلومات الصحية، والتي تتيح لمقدمي الرعاية الصحية مشاركة سجلات المرضى بأمان، ما يُحسّن الكفاءة وتنسيق الرعاية.
إلى جانب الأطباء، تساعد الابتكارات الرقمية في تمكين المرضى أيضًا، حيث تسمح البوابات الصحية الإلكترونية للأفراد بالوصول الآمن إلى سجلاتهم الطبية ونتائج الفحوصات وخطط العلاج، مما يتيح لهم تتبع تقدمهم الصحي والتفاعل بشكل أفضل مع أطبائهم.
على سبيل المثال، أحرزت المملكة العربية السعودية تقدمًا كبيرًا من خلال تطبيق “صحتي”، الذي يسمح للمرضى بالوصول إلى سجلاتهم الصحية، وحجز المواعيد، والتواصل مع مقدمي الرعاية الصحية في الوقت الفعلي. وبالمثل، يوفر نظام “ملفي” في قطر وصولًا آمنًا إلى المعلومات الطبية، مما يربط المنشآت الصحية في جميع أنحاء البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، تُسهم الاستشارات الطبية عن بُعد وأدوات التشخيص المدعومة بالذكاء الاصطناعي في إزالة العوائق، مما يوفر تقييماً طبياً دقيقاً في الوقت المناسب، خاصة للمرضى في المناطق النائية أو الذين يحتاجون إلى رعاية عاجلة. يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في التشخيص الطبي من خلال تحليل الصور الطبية واكتشاف الأنماط التي لا تلاحظ بالعين المجردة، مما يُحسّن سرعة ودقة اتخاذ القرارات الطبية.
مع التطور السريع للصحة الرقمية، أصبحت حوكمة البيانات والأمن السيبراني أولوية قصوى. تدرك روش أهمية حماية بيانات المرضى، ولهذا السبب استثمرنا في تدابير أمنية متقدمة لضمان سلامة المعلومات الصحية الحساسة. من خلال التعاون القوي مع الجهات الصحية والهيئات التنظيمية، نحرص على أن تكون حلول الصحة الرقمية مبتكرة وآمنة وأخلاقية.
نحن لا نحسّن الوصول إلى المعلومات الطبية فحسب، من خلال دمج التكنولوجيا في أنظمة الرعاية الصحية وتعزيز الشراكات القوية، بل نعيد تعريف أساليب تقديم الرعاية الصحية. يعدّ ضمان حصول الأطباء والمرضى على معلومات دقيقة ومحدثة في الوقت الفعلي مفتاحًا لتحسين النتائج الطبية، ودفع عجلة الابتكار، وبناء نظام صحي أكثر استدامة يركز على المريض.
كيف تعمل روش على تطوير نظم صحية مستدامة؟ وما دور الشراكات المتعددة في تحقيق هذا الهدف؟
الرعاية الصحية المستدامة لا تعني فقط علاج الأمراض، بل تتعلق بإنشاء أنظمة قوية يمكنها التكيف مع التحديات الصحية المستقبلية، مع ضمان استمرار الابتكار وتوفير العلاجات للأجيال القادمة. جعلت الشيخوخة السكانية، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، والتطور السريع في الابتكارات الطبية – بما في ذلك التشخيصات المتقدمة والعلاجات الجديدة والحلول الصحية الرقمية – الاستدامة أولوية ملحة ذات تعقيدات.
تلعب الشراكات دورًا محوريًا في التزام روش ببناء أنظمة رعاية صحية أقوى وأكثر مرونة في الشرق الأوسط. من خلال تعزيز البنية التحتية الصحية، وتكامل القرارات المستندة إلى البيانات، وتوسيع نطاق الوصول إلى العلاجات المنقذة للحياة، نُسهم في التحول نحو نموذج رعاية صحية قائم على القيمة، حيث تعطى نتائج المرضى الأولوية على حجم العلاجات المقدمة. لا يقتصر الاستثمار في الرعاية الصحية على التقدم طبي، بل يشمل النمو الاقتصادي والاجتماعي طويل الأجل.
نتعاون في جميع أنحاء المنطقة مع الحكومات والهيئات الصحية والمؤسسات الرائدة لتحويل هذه الرؤية إلى واقع. في دبي، نحن شركاء أساسيون في برنامج “إجادة” الذي يهدف إلى تشكيل مستقبل الرعاية الصحية القائمة على القيمة. في المملكة العربية السعودية، نعمل على تحسين رحلة مرضى الوذمة البقعية السكرية من خلال ضمان توافق العلاجات مع استدامة النظام الصحي على المدى الطويل. في لبنان، ساهمت جهودنا في إنشاء أول إطار صريح لتقييم التكنولوجيا الصحية (HTA) في الشرق الأوسط، مما يضمن استثمارات صحية أكثر ذكاءً تستند إلى البيانات. وفي البحرين، ترتكز مبادراتنا على تعزيز الرقمنة واستخدام البيانات الحقيقية لدعم الأطر التنظيمية وتعزيز السلامة الدوائية.
يبقى ضمان الوصول العادل إلى الابتكارات الطبية أولوية قصوى. في العراق، نعمل مع السلطات الصحية على تطوير نموذج دعم شامل للمرضى، بينما نواصل التعاون مع المؤسسات الرائدة لتعزيز الرعاية الشخصية، وزيادة الوعي، وتسهيل الوصول إلى العلاجات الرئيسية في قطر وسلطنة عمان ودول أخرى. تعكس هذه الجهود التزامنا الثابت بتوفير رعاية صحية مستدامة وعالية الجودة للجميع.
ما مدى أهمية الابتكار التكنولوجي في مواجهة التحديات الصحية المزمنة في المنطقة، مثل أمراض الأورام (سرطان الثدي، الرئة، الكبد) وأمراض العيون؟
إن الجيل القادم من الاكتشافات الطبية مدفوع بالتكامل القوي بين العلوم والتكنولوجيا، مما يوفر مستويات جديدة من الفهم والتحليل، ويحسن تشخيص الأمراض، ويساهم في تطوير علاجات ومراقبة أكثر فعالية. تخيل أن الأمراض التي كان يصعب تشخيصها أو علاجها في الماضي أصبحت اليوم في متناولنا بفضل التشخيص المبكر والعلاج الفعّال. هذا هو الواقع الذي نعمل وفقه اليوم.
في مجال الأورام، على سبيل المثال، يمكن أن يكون الاكتشاف المبكر هو الفارق بين الحياة والموت. يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا رئيسيًا في تحسين دقة وكفاءة تشخيص السرطان في منطقة الشرق الأوسط. كما ذكرنا سابقًا، تعاونت روش مع مايكروسوفت وشركة Lunit Global لتطوير أداة ذكاء اصطناعي تعمل على تحسين تشخيص سرطان الثدي في المنطقة.
على سبيل المثال، في حالة سرطان الرئة، حيث تعد المعلومات الدقيقة والتشخيص السريع أمرًا بالغ الأهمية، تساعد خوارزميات الذكاء الاصطناعي في علم الأشعة على تحديد التغيرات الدقيقة جدًا في صور الرئة. هذه الميزة تغير قواعد اللعبة، حيث تُمكّن مقدمي الرعاية الصحية من اكتشاف العلامات المحتملة للسرطان في وقت مبكر، مما يسمح بتدخلات علاجية سريعة قد تنقذ الأرواح. تعد هذه التطورات ضرورية في منطقة يرتفع فيها معدل الإصابة بالسرطان، حيث يمكن أن يكون الوصول إلى التشخيص المبكر عاملاً حاسمًا في تحسين معدلات النجاة.
إلى جانب الأورام، تُحدث العلاجات الجينية تحولًا كبيرًا، حيث تفتح آفاقًا جديدة للمرضى الذين يعانون من اضطرابات وراثية معقدة. في الشرق الأوسط، كانت هناك خطوات رائدة في توفير علاجات لأمراض مثل الحثل العضلي الدوشيني (DMD)، مما يوفر الأمل للمرضى.
من خلال القدرة على استبدال أو تثبيط أو إدخال جينات إلى خلايا المرضى، تعيد العلاجات الجينية تعريف طريقة معالجة الأمراض الوراثية المعقدة، ما يمثل بداية ما يمكن أن تحققه التكنولوجيا.
أما في مجال طب العيون، حيث يمكن أن يكون فقدان البصر له تأثير كبير على جودة الحياة، فإننا ندفع حدود العلاج من خلال أحدث التطورات العلمية. من خلال استخدام تقنيات متقدمة مثل الأجسام المضادة ثنائية النوعية، نعمل على إحداث تحول في علاج أمراض الشبكية مثل الوذمة البقعية السكرية والتنكس البقعي المرتبط بالعمر، ما يوفر حلولًا علاجية تدوم لفترات أطول.
عبر هذه المجالات كافة، يؤدي دمج الذكاء الاصطناعي والبيانات الواقعية والعلاجات المتطورة إلى تسريع التقدم، مما يساعدنا في اكتشاف الأمراض في وقت مبكر، وتحسين الرعاية الشخصية، وتعزيز النتائج الصحية في الشرق الأوسط. ولكن التأثير الحقيقي للابتكار لا يتحقق إلا عندما نضمن وصوله إلى الجميع، وهذا هو السبب وراء استمرار تعاوننا مع الأنظمة الصحية والحكومات والشركاء الصناعيين لضمان وصول هذه التطورات إلى المرضى الذين هم في أمسّ الحاجة إليها.