علم الأورام الدقيق: تعزيز رعاية مرضى السرطان من خلال مناهج جديدة للتشخيص العلاجيّ
علم الأورام الدقيق: تعزيز رعاية مرضى السرطان من خلال مناهج جديدة للتشخيص العلاجيّ
من جامعة شيكاغو للطبّ
عندما يصف الطبيب “راسل شموليفيتز” (Russell Szmulewitz)أداة جديدة تُستخدم لتشخيص بعض أنواع السرطان وعلاجها، يمكن أن يبدو كأنّه جنرال في الجيش، أكثر من كونه طبيب أورام متخصّصًا في سرطان البروستات. إلى هذه الدرجة يتّسم التشخيص العلاجيّ بالدقّة.
قال الطبيب شموليفيتز، وهو مدير برنامج أورام المسالك البوليّة والجهاز التناسليّ في جامعة شيكاغو للطبّ: “ الأمر هو أشبه بقنبلة ذكيّة تذهب تحديدًا إلى السرطان الهدف، ويمكننا أن نرى إلى أين تتّجه بناءً على التصوير”.
يشمل التشخيص العلاجيّ للسرطان استخدام النظائر المشعّة لتشخيص السرطان وعلاجه. منذ سنوات، يستخدم الأطبّاء النظائر المشعّة، مثل التكنيتيوم- 9 والسترونتيوم- 89، لتشخيص حالة مرضى السرطان وعلاجهم. إلّا أنّ التشخيص العلاجيّ يعتمد على الكواشف الإشعاعيّة المكوّنة من عنصرَيْن: عنصر بيولوجيّ مصمّم ليلتصق ببروتين معيّن في خليّة سرطانيّة، والنظائر المشعّة القابلة للتبديل التي يمكن أن تجعل تلك الخليّة مرئيّة في التصوير المقطعيّ بالإصدار البوزيترونيّ، ومن ثمّ تقتلها.
وقال “شموليفيتز”: “إنّ العلاج التشخيصيّ هو نوع من العلاج النهائيّ في علم الأورام الدقيق، لأنّنا نستطيع رؤية الهدف في جسم المريض، ثمّ نعطي دواءً إشعاعيًّا نعرف أنّه سيتوجّه إلى حيث نعتقد أنّنا نريد”.
لا يحدث التشخيص والعلاج دفعة واحدة؛ يتلقّى المريض، أوّلًا، تسريبًا وريديًّا بالكاشف الإشعاعيّ التشخيصيّ، ثمّ يحصل على حقنة واحدة أو سلسلة من الحقن وريديًّا للعلاج بالكاشف الإشعاعيّ بعد وقت قصير.
قال اختصاصيّ الأشعّة “دانيال أبيلباوم” Daniel Appelbaum، وهو طبيب ورئيس قسم الطبّ النوويّ وقسم التصوير المقطعيّ بالإصدار البوزيترونيّ في جامعة شيكاغو للطبّ: “بعد بضعة أشهر من العلاج، قد نجري مسحًا ضوئيًّا آخر باستخدام هذا النوع التشخيصيّ من الكواشف لمعرفة كيف يعمل العلاج”.
إنّ مفهوم التشخيص العلاجيّ ليس جديدًا. فكان اليود المشعّ يُستخدم، على سبيل المثال، لعقود من الزمن لتشخيص سرطان الغدّة الدرقيّة وعلاجها. (بدلًا من أن يُوجّه اليود إلى السرطان بواسطة مكوّن دوائيّ محدّد يبحث عن الخلايا السرطانيّة، تمتصّه خلايا الغدّة الدرقيّة بشكل طبيعيّ.)
تعطي خيارات التشخيص العلاجيّ الجديدة أملًا جديدًا لمرضانا، وتساعدهم على العيش فترة أطول وبنوعيّة حياة أفضل في السنوات الأخيرة، بدأ الأطبّاء يستخدمون هذه الطريقة المتقدّمة من التشخيص العلاجيّ من أجل علاج بعض أورام الغدد الصمّاء العصبيّة وتشخيصها. وهي نوع نادر من السرطان، يبدأ في خلايا الغدد الصمّاء العصبيّة الموجودة في الأعضاء في جميع أنحاء الجسم. وكان في قيادة هذا التغيير الطبيب “كزافييه كوتجن” (Xavier Keutgen)، وهو مدير قسم أورام الغدد الصمّاء العصبيّة، والطبيب “تشيه-يي آندي لياو” (Chih-Yi “Andy” Liao)، وهو المدير المساعد في قسم أورام الجهاز الهضميّ.
وقال الطبيب “لياو”: “تعطي خيارات التشخيص العلاجيّ الجديدة أملًا جديدًا لمرضانا، وتساعدهم على العيش فترة أطول وبنوعيّة حياة أفضل”.
إنّ موادّ الغاليوم- 68 دوتاتات والنحاس- 64 دوتاتات واللوتيتيوم- 177 دوتاتات، كلّها كواشف إشعاعيّة علاجيّة تعتمدها إدارة الغذاء والدواء الأميركيّة، تستهدف مستقبلات السوماتوستاتين 2، وهو بروتين موجود بشكل مفرط على سطح أورام الغدد الصمّاء العصبيّة.
وقال الطبيب “كزافييه كوتجن”، وهو جرّاح مختصّ بالغدد الصمّاء والغدد الصمّاء العصبيّة، ويدير قسم أورام الغدد الصمّاء العصبيّة: “من منظور التشخيص، أظهر الكثير من الدراسات أنّ التصوير المقطعيّ والتصوير المقطعيّ بالإصدار البوزيترونيّ باستخدام الغاليوم- 68 دوتاتات أو النحاس- 64، يتفوّقان بشكل كبير على أيّ طريقة تصوير لأورام الغدد الصمّاء العصبيّة المختلفة. وعندما يتعلّق الأمر بالعلاج باستخدام مادّة اللوتيتيوم- 177 دوتاتات، فإنّنا نتحدّث عن سنوات عدّة من متوسّط العمر المتوقّع للمرضى الذين يعانون من أورام الغدد الصمّاء العصبيّة”.
يأمل الأطبّاء، أيضًا، استخدام التشخيص العلاجيّ لسرطان البروستات، وهو سرطان شائع يصيب واحدًا من كلّ ثمانية رجال. شاركت جامعة شيكاغو للطبّ في التجارب السريريّة لكلّ من البيفلوفولاستات ف- 18(Piflufolastat F-18) واللوتيتيوم- 177 مستضدّ غشاء خاصّ بالبروستات – 617 (Lutetium-177 PSMA-617). العام الماضي، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركيّة على استخدام النوع الأوّل لتشخيص بعض أنواع سرطان البروستات. ومن المتوقّع أن توافق الإدارة، قريبًا، على Lutetium-177 PSMA-617 لعلاج سرطان البروستات النقيليّ المقاوم للإخصاء. يستهدف كلّ من هذين الكاشفَيْن الإشعاعيَّيْن، جنبًا إلى جنب مع الكاشف التشخيصيّ gallium-68 PSMA-11، مستضدّ غشاء خاصّ بالبروستات (PSMA)، وهو بروتين موجود على سطح خلايا سرطان البروستات.
بالطبع، يجب الانتباه إلى بعض الأمور عندما يتعلّق الأمر بالتشخيص العلاجيّ: يتعرّض المرضى للإشعاع الذي قد يؤدّي، في بعض الأحيان، إلى الإصابة بأنواع أخرى من السرطان، والعلاجات باهظة الثمن وعادة لا تشفي. وقال “أبيلباوم” إنّ السرطان ذكيّ، وإنّ الأطبّاء الذين يختارون الكواشف الإشعاعيّة لتشخيص حالة المريض أو علاجه قد لا يعملون على جميع الخلايا السرطانيّة لدى المريض. وأضاف “أبيلباوم”: “يمكن أن يكون لدى المريض نقائل متعدّدة تتصرّف بشكل مختلف في جسم المريض نفسه – ويمكن أن يكون لها سمات وراثيّة مختلفة”.
مع توفّر المسرّع الدورانيّ (cyclotron) الوحيد في النظام الصحّي الأكاديمي في إلينوي، القادر على إنتاج كواشف مشعّة جديدة، وبالتعاون مع مختبر “أرغون” الوطنيّ، يعمل العلماء في جامعة شيكاغو للطبّ على تطوير تشخيصات علاجيّة أفضل، تعتمد على تلك المتوفّرة حاليًّا أو تلك التي ستتوفّر قريبًا. الدكتور “تشين-تو تشين” (Chin-Tu Chen)، وهو المدير العلميّ لمرفق المسرّع الدورانيّ في جامعة شيكاغو للطبّ، يقود الكثير من الدراسات، بما في ذلك دراسة واحدة عن فعاليّة استخدام العنصر نفسه، سكانديوم (scandium)، لتشخيص السرطانات وعلاجها.
وقال “تشين”: “ثمّة بعض الفوائد المحتملة لاستخدام سكانديوم- 43 وسكانديوم- 47 كزوج للتشخيص العلاجيّ مقارنة بالغاليوم- 68 واللوتيتيوم- 177. إنّه العنصر نفسه. لذلك، من المرجّح أن تكون الحرائك الدوائيّة هي نفسها. وسيحدّد جزء من بحثنا ما إذا كان ذلك مهمًّا من الناحية السريريّة أم لا”.
يعمل “تشين” مع “شموليفيتز” و”كوتجن” و”أبيلباوم” وفريق من الخبراء الآخرين لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم زيادة عدد الخلايا السرطانيّة التي يمكن أن تستهدفها التشخيصات العلاجيّة الجديدة.
وقال “تشين”: “ما زلنا في المراحل المبكرة جدًّا من التشخيص العلاجيّ، ولكن لدينا الأشخاص المناسبون هنا، بدءًا من العلماء الأساسيّين في مجال الكيمياء الذين يعملون على المؤشّرات الحيويّة الجديدة، وصولًا إلى الأطبّاء. هذا هو نموذج الفريق العلميّ”.
للمزيد من المعلومات، يُرجى زيارة الرابط التالي www.uchicagomedicine.org/global