كورونامقالات طبية

كورونا للعام الثالث… الصحة حياة وتنمية

كورونا للعام الثالث

الصحة حياة وتنمية 

مع بداية العام الثالث ولازال فيروس كورونا المستجد يتحور ويناور ويراوغ ويزداد سرعة في الإنتشار مما زاد العبء على النظم الصحية بما فيها النظم القوية في بنيتها التحتية وكوادرها الطبية والفنية والإدارية وقدراتها المالية، وجعلها تقاوم بصعوبة في الإستمرار في أداء مهامها.

 فما بالك بالنظم الصحية الهشة والضعيفة والتي تعاني من نقص في الإمكانيات والتمويل والكوادر مع أعباء الخدمات العلاجية للأمراض المزمنة ونقص او إنعدام برامج الخدمات الوقائية وبرامج التمنيع من الأمراض المعدية والسارية.

 مع إستمرار الجائحة للعام الثالث على التوالي، أثر ذلك بشكل مباشر على الإمكانيات المتاحة لكل الأنظمة الصحية مع تفاوتها، وعلى العاملين بالقطاع الصحي بشكل عام وعلى الخطوط الأمامية المنوطة بالجائحة بشكل خاص. 

فقد القطاع الصحي على مستوى العالم أعداداً كبيرة من العاملين بالقطاع جراء الإصابة بعدوى الفيروس ، مع الآثار النفسية والإجتماعية السلبية التي يعاني منها معظم العاملين بالقطاع الصحي للضغوط المستمرة للعام الثالث على التوالي، ونظرا لعدم توازن واضح بين بلدان الشمال والجنوب في مجالات البحوث العلمية والطبية في إستنباط البروتوكولات الوقائية والتشخيصية والعلاجية، ولقصور  القدرة الإنتاجية للقاحات المضادة لكوفيد- 19 والتحورات المتعددة لفيروس كورونا المستجد والأنانية التي يشهدها العالم في إستحواذ الدول الغنية والمصنعة على النصيب الأكبر من اللقاحات؛ ففي الوقت الذي زادت نسب التمنيع في بعض الدول ووصلت الى ما يقارب 90% من الفئات المستهدفة نجد النسبة الأكبر من دول العالم وخصوصا الفقيرة والدول ذات الدخل المحدود لازالت تراوح في نسب متدنية لا تتجاوز 10% من الفئات المستهدفة في أحسن الأحوال وحيث أن البلدان الصناعية تعاني من القدرة على إستيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين.

 فما بال المستشفيات غير كافية ولا مجهزة بأجهزة التنفس الإصطناعي وتعاني من النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات والكوادر المدربة مما يستوجب البحث عن حلول علاجية مغايرة وفعالة مع الإعتقاد أن الفيروس قد لا يكون نفسه في جميع المناطق الجغرافية والاوبئة بطبيعتها عابرة للحدود فلن يكون العالم في مأمن الا إذا تم تلقيح وتمنيع معظم سكان الأرض وهذا يتطلب التعاون الدولي بين دول العالم القادرة والضعيفة والغنية والفقيرة وتسخير كل الإمكانيات اللازمة لحماية البشرية من هذه الأوبئة الفتاكة والمؤثرة على الصحة والحياة الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية 

وكذلك يتطلب من كل الأنظمة الصحية الوطنية إعادة النظر في هياكلها التنظيمية وترتيب أولوياتها وتحديد الإمكانيات المطلوبة وتخصيص الموارد المالية والبشرية اللازمة بما يضمن قدرة الأنظمة الصحية على مجابهة الجوائح وتقديم خدمات تعظم من تعزيز صحة المجتمع وتطوير برامج خدمات الرعاية الصحية الأولية والإستمرار في تقديم خدمات علاجية متطورة في كل مستويات النظام الصحي بجودة عالية يرضى عنها المستفيدين ومقدمي الخدمات الصحية والطبية الوقائية والعلاجية.

وللظروف الصعبة التي تمر بها المجتمعات والدول في ظل الأوضاع الوبائية، يستوجب إعادة النظر في القوانين والتشريعات الصحية التي تحدد السلطات، والحقوق والواجبات ودور المؤسسات المسؤولة في التصدي والتعامل مع الأزمات الصحية وأهمها الاوبئة والجوائح بما يضمن تحديد الإجراءات الاحترازية وإمكانية فرضها ومتابعتها وتطبيقها وتنفيذ البرتوكولات الوقائية والترصدية والتشخيصية والعلاجية واتخاذ الإجراءات الرادعة ضد المخالفين لها والمعرقلين لتنفيذها او استغلال الاوضاع الوبائية استغلال يضر بالصحة او الاقتصاد 

 وضرورة تكثيف وتشجيع ودعم البحوث الطبية والإجتماعية والإنسانية والاقتصادية لوضع السياسات الضرورية والإجراءات اللازمة للحماية الإجتماعية والإنسانية والاقتصادية وتطوير العلاجات بالوسائل والأساليب العلمية والعملية ودعمها بالدراسات السريرية والمعملية واعتماد البرتوكولات الوقائية والتشخيصية والعلاجية وتطويرها تمشيا مع الأوضاع الوبائية وتأثير اللقاحات مع إنتشار الفيروسات وقدرتها على رفع المناعة ومدى إستمرار المناعة التي تحفزها اللقاحات والى اي مدى تكون فعالة ومدى الحاجة لجرعات معززة والمدد المطلوبة لكل منها وضرورة معرفة الاحتياجات اللوجستية وسلاسل الإمداد والتجهيزات المطلوبة لإعطاء اللقاحات وإعداد الكوادر اللازمة.

ودور الإجراءات الاحترازية في خفض الإصابات ومدى فعالية التدخلات الغير دوائية مثل إرتداء الكمامة والتباعد الجسدي والبقاء في البيوت وتأثيراتها الصحية والاجتماعية المرتبطة بدورها في السياق الإقليمي من حيث قبول فكرة العزل من عدمها  ووضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج لتحقيق الحماية الصحية للسكان والمجتمعات والشعوب والحماية الاجتماعية نفسيًا واقتصاديًا والدعم اللازم للقطاع الصحي بكل الإمكانيات المادية والبشرية لتعزيز قدرته على مكافحة الأوبئة والامراض المعدية وتعزيز قدرته على تقديم الخدمات العلاجية للأمراض المزمنة وتخصيص الموارد المالية اللازمة لذلك وضرورة توحيد الجهود البحثية في القطر الواحد بين المراكز والمعاهد والهيئات البحثية والجامعات والقطاع الصحي بكل مكوناته وعناصره والتعاون المشترك بينها وبين الإقليم المتشابهة بلدانه في الظروف الاجتماعية والصحية والبيئية والنظم الصحية 

وضرورة تظافر الجهود في جميع أنحاء ألعالم لتطوير سبل التشخيص وطرق العلاج الناجعة وتطوير لقاحات آمنة وفعالة للحماية من الفيروسات وتحوراتها المتسارعة والحرص على العدالة في توزيعها دون التمييز بين الدول والشعوب وتمكين ودعم جميع الدول القادرة على تصنيع اللقاحات. 

وضرورة تكاثف الجهود المحلية وتوفير الامكانيات اللازمة مع التعاون الإقليمي والدولي في دعم الجهود المحلية والدولية في مكافحة الاوبئة لان الجميع معني بالازمة الصحية العالمية وما يترتب عنها من أزمات اقتصادية واجتماعية وتنموية.

الوباء عالمي في حاجة ماسة لتظافر الجهود الدولية ودعم الأبحاث والدراسات العلمية، 

وتوجيه الكوادر البشرية للتعلم والتدريب، وتسخير كافة الإمكانيات اللازمة ، والتوزيع العادل للأدوية واللقاحات وتبادل المعلومات بين الجهات المختصة في جميع دول العالم وتطوير التشريعات والقوانين الصحية بما يتماشى مع الازمات الصحية وآثارها وكل الدعم للقطاع الصحي والعاملين به.

المجتمعات بحاجة للدعم الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لتستمر بأقل الأضرار. 

حفظ الله البشرية والعالم من الوباء

   د. علي المبروك أبوقرين

عضو المجلس التنفيذي لاتحاد المستشفيات العربية

عضو اللجنة الفنية الاستشارية لمجلس وزراء الصحة العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى