الدكتور علي الشعري
الأستاذ المساعد للبيولوجيا في وايل كورنيل للطب – قطر
الدكتور علي الشعري
”ألزهايمر وباركنسون أكثر الأمراض التنكّسية العصبية شيوعاً“
الدكتور علي الشعري خبير في مجال الكيمياء الحيوية، نال الشهادة الجامعية في البيولوجيا الهندسية من الكلية الوطنية للمهندسين بتونس ودرجة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الخلوية من جامعة فرساي بفرنسا. يشغل الدكتور الشعري حالياً منصب الأستاذ المساعد للبيولوجيا في وايل كورنيل للطب – قطر، حيث يدرّس الكيمياء الحيوية لطلاب برنامج ما قبل الطب. وكان باحثاً استقصائياً رئيساً وباحثاً استقصائياً رئيساً مشاركاً في عدد من المشاريع البحثية المموّلة، داخلياً وخارجياً، مثلما أسهم في عدد من المشاريع البحثية الأخرى. وأثمرت تلك المشاريع البحثية منشورات علمية وأوراق بحثية عدّة أُنجزت بمشاركة طلاب من برنامج ما قبل الطب وبرنامج الطب بالكلية. ينصبّ جلّ اهتماماته البحثية على مجالين اثنين هُما: دراسة تنظيم بروتين الأميلويد في الأمراض التنكّسية العصبية وداء السكري من النوع الثاني، ودور العلاج بالميكروبيوم في تعزيز الصحة والمرض.
بالإضافة إلى ذلك، يدير الدكتور الشعري سلسلة جديدة من الحلقات الدراسية عبر الإنترنت ينظمها قسم التعليم الطبي المستمر في وايل كورنيل للطب – قطر بعنوان “أمراض اختلال تطوّي البروتين والتنكس العصبي: من النهج التجريبي إلى العلاج الإكلينيكي”. وتتواصل هذه السلسلة حتى 25 أكتوبر 2023. وكان إطلاق هذه السلسلة قد تزامن مع اليوم العالمي لمرض ألزهايمر بهدف نشر التوعية بأحد أبرز الأمراض الشائعة بين المسنّين.
من تستهدف السلسلة الجديدة من الحلقات الدراسية وماذا يستفيد المهنيون الصحيون الذين يلتحقون بها؟
تستهدف هذه السلسلة الجديدة من الحلقات الدراسية أصحاب المهن الصحية كافة من مختلف الفئات، وتشمل الشريحة المستهدفة طلاب الطب والباحثين والمحاضرين. فالعروض التقديمية منظَّمة ومقسّمة بحيث تتناول مسبّبات الأمراض الأساسية، وأسباب ظهورها وتطورها، وأحدث التطورات والإنجازات في القدرات التشخيصية والعلاجية المرتبطة بالأمراض التنكّسية العصبية. وهذا الأمر يمنح المشاركين فهماً أفضل وأشمل لخيارات إدارة الرعاية الصحية للأمراض التنكّسية العصبية، في الحاضر وفي المستقبل.
ما أكثر أشكال الأمراض التنكّسية العصبية انتشاراً؟
الأمراض التنكّسية العصبية تؤثر في ملايين البشر حول العالم. ويُعدّ مرض ألزهايمر ومرض باركنسون الأكثر شيوعاً من كل الأمراض التنكّسية العصبية. وعلى سبيل المثال، يصيب مرض ألزهايمر قرابة 30% من المسنّين الذين تبلغ أعمارهم 85 عاماً فأكثر. وفي ضوء الإنجازات الهائلة والمتلاحقة في العلوم الطبية وارتفاع متوسط العمر المتوقع تدريجياً، من المتوقع أن يزداد انتشار الخرف في العالم، وهو مرض رئيس مرتبط بتلك الاضطرابات، من 57.4 مليون شخص في عام 2019 إلى 152.8 مليون شخص بحلول عام 2050، وأما بالولايات المتحدة من المتوقع أن يتضاعف انتشار المرض تقريباً خلال الفترة نفسها.
ما هو اختلال تطوّي البروتين وكيف يتسبّب بالإصابة بالأمراض التنكّسية العصبية؟
يرتبط اختلال تطوّي البروتين وتعطّل توازن البروتين بتراكم لُييفات أميلويدية أو تكدّسات لا بلورية. وعندما يحدث هذا في الخلايا العصبية الضعيفة، تتسبّب السّمية العصبية والإجهاد الناجمان (بمساعدة الخلايا المناعية للمضيف والآليات الالتهابية المرتبطة بها) بالإصابة بالأمراض التنكّسية العصبية الأكثر شيوعاً المرتبطة بالتقدّم بالسنّ، ومنها مرض ألزهايمر ومرض هنتنغتون ومرض باركنسون ومرض التصلُّب الضموري الجانبي وأمراض البريون المتعددة مثل مرض كروتزفيلد-جاكوب. وعلى الرغم من وجود أوجه شبه في ما بين الأمراض التنكّسية العصبية، إلا أن منشأ أسبابها يتفاوت من مرض إلى آخر. ويشكل تراكم البروتين واختلال تطوّي البروتين محور النقاش عن مسببات اضطرابات غير عصبية مثل الداء النشواني الجهازي والداء النشواني المرتبط بغسل الكلى وداء السكري من النوع الثاني وإعتام عدسة العين.
لماذا أصبحت الأمراض التنكّسية العصبية أكثر شيوعاً؟
تمثل الأمراض التنكّسية العصبية تهديداً جدّياً لصحة الإنسان. ويزداد انتشار هذه الاضطرابات المرتبطة بالتقدّم بالسّن أكثر فأكثر، ومردّ ذلك جزئياً إلى ازدياد أعداد المسنّين في الأعوام الأخيرة. وفي حقيقة الأمر فإن واحداً من بين كل عشرة أفراد فوق سن 65 مصاب بمرض ألزهايمر، وانتشار هذا المرض آخذ بالازدياد مع التقدّم بالسنّ. يُضاف إلى ذلك أن التغيّرات التي طالت أنماط الحياة والابتعاد عن العادات الجيدة مثل الأنظمة الغذائية المتوازنة وممارسة قدر مناسب من الأنشطة البدنية، وتفاقُم خطر الإصابة بأمراض معينة مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري من النوع الثاني، كلها أمور تفاقم انتشار الأمراض التنكّسية العصبية.
ما عوامل اختطار الإصابة بالأمراض التنكّسية العصبية؟
لعل التقدّم بالسنّ هو عامل الاختطار الرئيس لمعظم الأمراض التنكّسية العصبية. وإلى جانب الشيخوخة، تسهم توليفة من العوامل الوراثية والبيئية في تفاقم خطر الإصابة بالأمراض التنكّسية العصبية. وفي حقيقة الأمر فإن وجود أشكال وراثية متعددة محددة يمكن أن يفاقم خطر إصابة شخص ما بأمراض تنكّسية عصبية ذات صلة.
فعلى سبيل المثال، قد نجد لدى شخص ما جينة ما تجعله أكثر عُرضة للإصابة بمرض ألزهايمر أو مرض باركنسون، غير أن عوامل تعرّضه للبيئة هي التي تحدّد في ما إذا كان سيُصاب بالمرض، ومتى سيُصاب به، ومدى حدّة إصابته به. ولكن علينا ألا نهمل تأثير عوامل ممكنة أخرى، منها نوع الجنس وضعف التعليم والظروف الصحية. وعلى سبيل المثال، يزداد خطر إصابة شخص ما بأحد الأمراض التنكّسية العصبية في حال كان مصاباً بأحد الأمراض أو الاضطرابات التالية: إجهاد التأكسد، الالتهاب، السكتة الدماغية، ارتفاع ضغط الدم، داء السكري، إصابة الرأس الرّضية، الاكتئاب، العدوى، الأورام، عوز الفيتامينات، الأمراض المناعية والأيضية، ويُضاف إلى ذلك التدخين.
كيف تؤثر الأمراض العصبية في سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
رصدت دراسات عن البلدان العربية، ومنها بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، انتشار الأمراض التنكّسية العصبية في بلدان المنطقة، وتتراوح نسبة انتشارها بين 1.1-2,3% عند الفئة العمرية 50 عاماً فأكثر، وأن هذه النسبة تزيد مع التقدّم بالسّن لتصل إلى 13.5-18.5% عند الفئة العمرية 80 عاماً فأكثر. وما يفسّر هذا الرقم المهم، الذي قد يزداد في الأعوام المقبلة، هو الانتشار الكبير لارتفاع ضغط الدم وداء السكري من النوع الثاني في البلدان العربية.
كيف يؤثر النوم والأنشطة البدنية في الوظائف الإدراكية بين كبار السنّ؟
أولاً، علينا أن ندرك أن الأمراض التنكّسية العصبية تؤثر في الخلايا العصبية الدماغية، متسبّبة بأعراض مثل فقدان الذاكرة وتقلُّب المزاج والقلق والاكتئاب والاضطراب، لأن ذلك سيساعدنا على تفسير تأثير النوم والأنشطة البدنية في الوظيفة الإدراكية بين كبار السنّ، الذين هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالأمراض التنكّسية العصبية. فالنوم الجيّد، ويُقصد به أن ينال المرء قسطاً كافياً من النوم المجدّد لطاقته ونشاطه، يزيد فترة الانتباه ويعزز التركيز. والنوم يدعم أيضاً جوانب عدة أخرى من التفكير، تشمل الذاكرة وحلّ المشكلات والتفكير الخلاّق والمعالجة العاطفية والحكم على الأمور. وفي السياق نفسه، وجدت دراسة عدّة صلة بين أنماط النوم السيئة وانحسار القدرات الإدراكية في الأمد البعيد، بما في ذلك الإصابة بالخرف ومرض ألزهايمر. وتُظهر البحوث العلمية أن التمارين البدنية يمكن أن تعزّز ذاكرة وتفكير الإنسان لأنها تحدّ من الإجهاد والتوتر ولأنها تحسّن الحالة المزاجية والنوم. وفي هذا الصدد، كشفت البحوث العلمية عن صلة بين زيادة مستويات الأنشطة البدنية عند المسنين وازدياد حجم الحصين، وهو أحد أجزاء الدماغ، وهو ما يعزز أداء ذاكرة الإنسان.
ما الذي يمكن أن يفعله الفرد للحدّ من خطر إصابته بالأمراض التنكّسية العصبية؟
تشير دراسات عدّة إلى أن بإمكان المرء أن يفعل أشياء محددة للحدّ من خطر إصابته بالأمراض التنكّسية العصبية، منها أن يواظب على التمارين البدنية، وأن يأخذ حاجته الكافية من النوم، وأن يختار نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً، وأن يكون نشطاً ذهنياً واجتماعياً، وأن يقلّل من الإجهاد، وأن يراقب صحته ويراعيها بنفسه، وأن يدير أمراضه المزمنة.
كيف تُشخّص الأمراض التنكّسية العصبية وما طرق علاجها؟
في السابق، كان يُستعان ببعض تقنيات التصوير العصبي الهيكلي مثل التصوير المقطعي المحوسَب (CT) والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لأغراض تشخيص الأمراض التنكّسية العصبية، ولكن بسبب دقتها المتدنية في التوصل إلى تشخيص محدّد، استعيض عنها بتقنيات جديدة للتصوير العصبي مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) والتصوير المقطعي بالانبعاث الفوتوني الواحد (SPECT). وعلى الرغم من الجهد الدؤوب والمحاولات المتواصلة للتوصل إلى أدوية لعلاج أعراض العديد من الأمراض التنكّسية العصبية، ليس لدينا بعد علاجات فعالة لعلاج الأمراض التنكّسية العصبية. فالأدوية المتاحة اليوم تدير أعراض تلك الأمراض أو توقف تفاقمها لا أكثر.
ماذا يحمل المستقبل في ما يتعلق بتشخيص الأمراض التنكّسية العصبية وعلاجها في ضوء أحدث البحوث العلمية؟
في البداية، أودّ أن أؤكد على التأثير الكبير للأمراض التنكّسية العصبية على اقتصاد بلدان العالم، وقد يكون ذلك مسوّغاً للتكلفة الباهظة المحتملة للبحوث العلمية في هذا المضمار. فلو أخذنا مرض ألزهايمر كمثال على الأمراض التنكّسية العصبية، نجد أن فترة الإصابة بمرض ألزهايمر تتراوح في المتوسط بين سنتين وعشر سنوات، ومن المتوقع أن تبلغ التكلفة المترتبة على المرض تريليون دولار سنوياً في الولايات المتحدة وحدها بحلول عام 2050. لذا فإن علاجاً يمكنه أن يؤخر أعراض هذا المرض سيؤثر حتماً إيجاباً في المريض وأسرته ومجتمعه واقتصاد بلده. وإلى جانب ذلك، أودّ أن أشدّد على أن مسبّبات الأمراض التنكّسية العصبية لم تزل غير مفهومة تماماً، وأن معظم الأدوية المتاحة حالياً تعالج أعراض تلك الأمراض فحسب، وليس الأمراض نفسها. ومع ازدياد متوسط العمر المتوقع، من المهم تعميق فهمنا لمثل هذه الأمراض وسبل تشخيصها وآلية الإصابة بها من أجل تطوير علاجات ابتكارية لها. وحالياً، المقايسات البيولوجية، بما في ذلك تكتُّل الخلايا وحيوية الخلايا وسُمّية الخلايا، الرامية للتوصل إلى فهم أفضل لتعديل موت الخلايا العصبية وللمقايسات الحيوية ووظائف الخلايا العصبية، ودراسة الواسمات البيولوجية الجديدة التي قد تيسّر التشخيص المبكر، كلها ذات أهمية بالغة في تمكين العلماء من فهم الآلية الكامنة وراء هذه الأمراض واكتشاف علاجات واعدة لها. وعلاوة على ذلك، من المجالات البحثية المهمة التي تستأثر باهتمام العلماء، أوجه التقدّم في التقنيات التي تتيح تصوير المجمّعات البروتينية المرضيّة.
كيف يسهم التعقيد المتزايد في مجال الذكاء الاصطناعي في تغيير النماذج البحثية الخاصة بالأمراض التنكسية العصبية واختلال تطوّي البروتين؟
لمواجهة الانتشار المتزايد لاختلال تطوّي البروتين وتشكّل الأميلويد والأمراض التنكّسية العصبية، ينصبّ اهتمام عدد متزايد من الدراسات على الذكاء الاصطناعي. وفي حقيقة الأمر، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالإصابة بالإعاقة الإدراكية والتنبؤ بمقدار اشتداد بعض الأعراض بمرور الوقت، مثل تدهور المهارات الحركية. ويمكن أن يساعد ذلك على تسريع تشخيص المريض لتبدأ عملية إدارة تطوّر الأعراض في وقت مبكر. ويمكن للباحثين أيضاً الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لاكتشاف العقاقير الدوائية المحتملة والمؤشرات الحيوية الجديدة أو الأهداف البيولوجية التي يمكن أن تقودنا نحو علاجات أفضل.
ما الإجراءات التي يمكن لصاغة السياسات وقادة الرعاية الصحية والبحوث العلمية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اتخاذها لمعالجة الانتشار المتزايد للأمراض العصبية؟
أعتقد أن أول ما يجب القيام به هو تعزيز التوعية بالأمراض التنكّسية العصبية، والأسباب التي قد تفاقم خطر انتشار مثل هذه الأمراض، وما يمكن أن نفعله نحن كأفراد للحدّ من خطر الإصابة بالأمراض التنكّسية العصبية. وفي هذا الصدد، وفي إطار الاستراتيجية الوطنية للصحة 2018-2022، تقرّ وزارة الصحة العامة في قطر والشبكات والمؤسسات المرتبطة بها بالخرف كتحدٍ قائم، كأحد المضاعفات الشائعة لمرض ألزهايمر، بأن اعتمدت خطة قطر الوطنية للخرف (2018-2022). وتحدد هذه الخطة مختلف الثغرات القائمة، مثل الافتقار إلى إحصاءات وبائية لمختلف المناطق في ما يتعلق بأعداد الإصابات بالمرض ومعدل انتشاره، والافتقار إلى مبادئ توجيهية وتشريعات علاجية شاملة، ونقص الموظفين المدرّبين تدريباً كافياً لتلبية الطلب في المنطقة (وزارة الصحة العامة، 2018). وفي السياق نفسه، تشدّد وزارة الصحة العامة على أهمية ما نسمّيه “الشيخوخة الصحية” عبر تحسين تنسيق الرعاية الصحية المتاحة لكبار السن الذين تتزايد أعدادهم في الدولة (وزارة الصحة العامة، 2018). ولتمكين المسنّين من السكان في ما يتعلق بإدارة صحتهم واستقلاليتهم وتحسينهما، لا بدّ أن يملك الموظفون الصحيون المعرفة الأساسية بشأن مسبّبات الأمراض التنكّسية العصبية وطرائق علاجها بما أنها تؤثر بشكل غير متناسب في هذه الفئة السكانية.
كيف يسهم العمل مع قسم التعليم الطبي المستمر في وايل كورنيل للطب – قطر في تعزيز زخم التقدم المحرز في بحوث الأمراض التنكّسية العصبية وتشخيصها وعلاجها؟
العمل مع قسم التعليم الطبي المستمر في وايل كورنيل للطب – قطر في إعداد وتنفيذ سلسلة حلقات دراسية شبكية يمكن أن يسهم في تحقيق الأهداف المنصوص عليها في الاستراتيجية الوطنية للصحة 2018-2022، وتحديداً ما يتعلق بتعزيز التوعية بالأمراض التنكّسية العصبية.
تهدف سلسلة الحلقات الدراسية الشبكية إلى تقييم الثغرات الراهنة ومعالجتها على صعيد المعرفة العلمية بالأمراض التنكّسية العصبية في قطر وعموم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها. وعملنا مع قسم التعليم الطبي المستمر في إعداد وتنفيذ هذه السلسلة يمكّننا من إبراز مختلف الفجوات المعرفية المتعلقة بالأمراض التنكسية العصبية والاضطرابات ذات الصلة. لمعالجة بعض هذه الفجوات، ستمكّن السلسلة الجمهور من فهم آلية اختلال تطوّي البروتين وتشكّل الأميلويد المتسببة بأكثر الأمراض التنكّسية العصبية شيوعاً في العالم، والإلمام بأحدث الإنجازات العلمية والطبية على صعيد الطرائق العلاجية المحتملة، بما يوفر فهماً أعمق وأدق لخيارات إدارة الرعاية الصحية، في الحاضر والمستقبل.
وكانت دراسة استقصائية قد أُجريت لتقييم الحاجة الراهنة قبل أن اقترحنا هذه السلسلة من الحلقات الدراسية الشبكية في إطار التعليم الطبي المستمر. وبالفعل، رصدت الدراسة الاستقصائية حاجة لافتة لعقد حلقات دراسية شبكية تتمّم المعرفة العلمية للممارسين الصحيين وتنهض بكفاءتهم في إدارة الأمراض التنكّسية العصبية والاضطرابات ذات الصلة وتقديم أفضل رعاية ممكنة للمصابين بها. وستقود هذه الدراسة الاستقصائية إلى ورقة بحثية، قيد الإعداد حالياً، بعنوان “المعرفة بالأمراض التنكّسية العصبية والاضطرابات المرتبطة بها والمواقف إزاءها: دراسة استقصائية مقطعية لأصحاب المهن الصحية على نطاق قطر”. وثمة دراسة استقصائية أخرى قيد الإعداد حالياً، وهذه الدراسة ذات سمة بحثية، ينصبّ تركيزها على مستوى المعرفة بمرض ألزهايمر والخرف، وعلى المواقف إزاء المصابين بالخرف، وعلى الثقة والكفاءة الذاتية بشأن المصابين بالخرف.
كيف تتوخون مسار تطور هذه الفعالية نحو المستقبل؟
نحن واثقون من أن هذه السلسلة من الحلقات الدراسية ستحقق أهدافها وغاياتها لأنها تستند إلى حاجة محددة. وتتمثل الخطوة التالية في توسيع نطاق هذه السلسلة لتشمل مؤتمراً سنوياً وسلسلة من حلقات العمل بما يواكب احتياجات أوساط الرعاية الصحية في قطر والعالم. وسيتيح لنا ذلك استقطاب أطباء ممارسين وباحثين مرموقين في مجال الأمراض التنكّسية العصبية، وسيستفيد من ذلك المهنيون والباحثون الصحيون في قطر، وأيضاً بطبيعة الحال طلاب الطب.
ويتوافق كل ذلك مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للصحة 2018-2022 ورؤية قطر الوطنية 2030. ومن المؤمّل أن تتيح هذه السلسلة من الحلقات الدراسية فرصة قيّمة لوايل كورنيل للطب – قطر للإسهام، كمؤسسة طبية وأكاديمية مرموقة، في تعزيز التوعية بهذه الأمراض، وأيضاً بالخرف، والأعراض الشائعة وعوامل الاختطار المرتبطة بها.