أمراض وعلاجات

دور الغذاء في مسار الصحة على المدى الطويل

من الوقاية إلى الخطر… والعكس

دور الغذاء في مسار الصحة على المدى الطويل

الطعام الذي نتناوله كل يوم هو أداة قوية في تشكيل مسار صحتنا على المدى الطويل. من خلال إعطاء الأولوية لنظام غذائي متوازن وكامل غني بالفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبروتين الخالي من الدهون والدهون الصحية، يمكننا أن نقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة الموهنة ونمهد الطريق لمستقبل أكثر صحة وحيوية.

العلاقة بين النظام الغذائي والإصابة ببعض الأمراض هي علاقة وثيقة ومعقدة للغاية؛ يمكن للنظام الغذائي أن يكون عاملاً وقائيًا قويًا ضد العديد من الأمراض، ولكنه في الوقت نفسه يمكن أن يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض أخرى.

كيف يحمي النظام الغذائي الصحي من الأمراض؟

يحمي النظام الغذائي الصحي من الأمراض من خلال توفير العناصر الغذائية الأساسية التي تدعم وظائف الجسم المختلفة وتعزز جهاز المناعة وعمليات التمثيل الغذائي وصحة الخلايا، كما أنه يكافح الالتهابات المزمنة التي تعتبر عاملًا مساهمًا في العديد من الأمراض، وينظم مستويات السكر في الدم ما يقلل من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، ويدعم صحة القلب والأوعية الدموية من خلال الحفاظ على مستويات الكوليسترول وضغط الدم الصحية، ويساعد في الحفاظ على وزن صحي وبالتالي تقليل خطر الأمراض المرتبطة بالسمنة، ويعزز صحة الجهاز الهضمي من خلال دعم الأمعاء وتوازن البكتيريا النافعة، بالإضافة إلى توفير مضادات الأكسدة التي تحمي الخلايا من التلف وتقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة والشيخوخة المبكرة.  النظام الغذائي الصحي والمتوازن يساهم في الوقاية من هذه الحالات:

تقليل الالتهابات
العديد من الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسكري من النوع الثاني وبعض أنواع السرطان، لها التهاب مزمن كعامل أساسي مهم. يمكن لنظام غذائي غني بالأطعمة المضادة للالتهابات مثل الفواكه (خاصة التوت)، والخضراوات والأسماك الدهنية (الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية)، والمكسرات، والبذور، وزيت الزيتون أن يساعد في تثبيط هذا الاستجابة الالتهابية.     على العكس من ذلك، يمكن لنظام غذائي غني بالأطعمة المسببة للالتهابات مثل الأطعمة المصنعة والمشروبات السكرية والكربوهيدرات المكررة والكميات المفرطة من الدهون المشبعة وغير الصحية أن يؤدي إلى تفاقم الالتهاب.

الحفاظ على مستويات صحية لسكر الدم
يمكن للأنظمة الغذائية الغنية بالكربوهيدرات المكررة والسكريات المضافة أن تؤدي إلى ارتفاعات سريعة في نسبة السكر في الدم، ما يزيد من خطر مقاومة الأنسولين وفي النهاية مرض السكري من النوع الثاني. يساعد التركيز على الكربوهيدرات الكاملة غير المصنّعة ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض (مثل الحبوب الكاملة والبقوليات والخضروات غير النشوية) في الحفاظ على مستويات سكر الدم مستقرة. كما أن تناول كميات كافية من الألياف يساعد في تنظيم سكر الدم وتحسين حساسية الأنسولين.

دعم صحة القلب والأوعية الدموية
يؤثر النظام الغذائي بشكل كبير على مستويات الكوليسترول وضغط الدم، وهما عاملان رئيسيان لخطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. يمكن لنظام غذائي غني بالألياف القابلة للذوبان والدهون الصحية (الدهون الأحادية غير المشبعة والدهون المتعددة غير المشبعة الموجودة في الأفوكادو والمكسرات والبذور وزيت الزيتون) والستيرولات النباتية أن يساعد في خفض الكوليسترول الضار  (LDL) ؛ يعتبر الحد من الدهون المشبعة والمتحولة، بالإضافة إلى تناول كميات كبيرة من الصوديوم، أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على ضغط دم صحي.

الحفاظ على وزن صحي
السمنة هي عامل خطر رئيسي للعديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك مرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان ومشاكل الجهاز العضلي الهيكلي. يمكن لنظام غذائي متوازن غني بالأطعمة الكاملة الغنية بالعناصر الغذائية ويدعم الشبع الصحي أن يساعد في تحقيق والحفاظ على وزن صحي. ويعد التحكم في حصص الطعام والأكل الواعي أيضًا من الجوانب المهمة لإدارة الوزن.

توفير العناصر الغذائية الأساسية
يضمن النظام الغذائي المتنوع حصول الجسم على الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة التي تحتاجها للوظيفة المثلى والحماية من تلف الخلايا. تساعد مضادات الأكسدة الموجودة في الفواكه والخضراوات والأطعمة النباتية الأخرى في تحييد الجذور الحرة، وهي جزيئات غير مستقرة يمكن أن تتلف الخلايا وتساهم في الشيخوخة والأمراض. يمكن أن يؤدي نقص بعض العناصر الغذائية إلى إضعاف جهاز المناعة وزيادة القابلية للإصابة بالأمراض.

دعم صحة الأمعاء
يلعب الميكروبيوم المعوي، وهو مجموعة تضم تريليونات الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في الجهاز الهضمي، دورًا محوريًا في الحفاظ على الصحة العامة. لا يقتصر تأثيره على الهضم فقط، بل يمتد ليشمل وظائف مناعية حيوية، وتنظيم الالتهابات، وإنتاج بعض الفيتامينات، بل وحتى التأثير على المزاج والصحة النفسية من خلال ما يُعرف بمحور الأمعاء-الدماغ.

يمكن لنمط الحياة والغذاء أن يؤثّرا بشكل كبير على توازن هذا النظام الدقيق. فاتباع نظام غذائي غني بالألياف (البريبايوتيك) يساعد في تغذية البكتيريا النافعة، بينما تساهم الأطعمة المخمرة (البروبيوتيك) مثل اللبن والكيمتشي ومخلل الملفوف في تعزيز تنوع هذه الكائنات. هذا التوازن بين البريبايوتيك والبروبيوتيك يُعدّ أساسًا لميكروبيوم معوي صحي، ما ينعكس إيجابًا على المناعة، والوقاية من الأمراض المزمنة، وتحسين امتصاص المغذيات، بل وربما المساعدة في التحكم في الوزن ومستوى السكر في الدم.

من هنا، فإن العناية بصحة الميكروبيوم المعوي ليست مجرد خطوة لتحسين الهضم، بل ركيزة أساسية في أسلوب حياة صحي وشامل.

كيف يزيد النظام الغذائي غير الصحي من خطر الإصابة بالأمراض؟

يزيد النظام الغذائي غير الصحي من خطر الإصابة بالأمراض عن طريق التسبب في نقص العناصر الغذائية الأساسية التي تضعف المناعة، وتعزيز الالتهابات المزمنة في الجسم نتيجة تناول الأطعمة المصنعة والسكريات والدهون غير الصحية، ورفع مستويات السكر في الدم مما يزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، ورفع مستويات الكوليسترول وضغط الدم مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، والمساهمة في زيادة الوزن والسمنة التي تزيد من خطر العديد من الأمراض المزمنة، وإضعاف صحة الجهاز الهضمي والتأثير سلبًا على توازن البكتيريا في الأمعاء بسبب قلة الألياف وغنى الأطعمة المصنعة، بالإضافة إلى احتمالية التعرض للمواد الضارة الموجودة في بعض الأطعمة المصنعة. إليكم بعض الأضرار الناتجة عن سوء النظام الغذائي:

  • نقص العناصر الغذائية: نظام غذائي يفتقر إلى الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة يمكن أن يؤدي إلى نقص في الفيتامينات والمعادن الأساسية، فيضعف جهاز المناعة ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض.
  • زيادة الالتهابات: تناول كميات كبيرة من الأطعمة المصنعة والسكريات المضافة والدهون غير الصحية يمكن أن يعزز الالتهاب المزمن في الجسم.
  • ارتفاع مستويات السكر في الدم: الأنظمة الغذائية الغنية بالسكريات المكررة والكربوهيدرات البسيطة يمكن أن تؤدي إلى ارتفاعات متكررة في نسبة السكر في الدم، فيزيد ذلك من خطر مقاومة الأنسولين والسكري من النوع الثاني.
  • ارتفاع مستويات الكوليسترول وضغط الدم: تناول كميات كبيرة من الدهون المشبعة والمتحولة والصوديوم يمكن أن يرفع مستويات الكوليسترول وضغط الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
  • زيادة الوزن والسمنة: نظام غذائي عالي السعرات الحرارية والدهون والسكريات وقليل الألياف يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة، ما يزيد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة.
  • ضعف صحة الجهاز الهضمي: نظام غذائي قليل الألياف وغني بالأطعمة المصنعة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في الجهاز الهضمي ويؤثر سلبًا على توازن البكتيريا في الأمعاء.
  • التعرض للمواد الضارة: بعض الأطعمة المصنعة قد تحتوي على مواد مضافة أو مواد حافظة أو بقايا مبيدات حشرية بكميات كبيرة، مما قد يزيد من خطر الإصابة ببعض الأمراض على المدى الطويل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى