القلق والتوتر إلى ازدياد.. لماذا النساء؟
القلق والتوتر إلى ازدياد.. لماذا النساء؟
القلق والتوتر من المشاعر الطبيعية التي يتعرض لها الجميع نتيجة موقف ما أو خوف أو أي شيء آخر؛ يبقى الأمر طبيعياً إلى أن يؤثر على الحياة اليومية فيتحول إلى اضطراب. الدراسات في هذا المجال تشير إلى أن النساء هن أكثر عرضة للقلق والتوتر خلال مراحل حياتهن المختلفة، ربما بسبب التقلّبات الهرمونية والعوامل الفيزيولوجية في جسم المرأة.
فالمرأة معرّضة خلال فترات حياتها للكثير من الضغوطات التي تجعلها في قلق دائم سواء أكانت ربّة منزل أو سيّدة أعمال أو موظفة. ثم أن للقلق والتوتر تأثير على صحة المرأة أكثر من الرجل بسبب طبيعتها الهرمونية والعاطفية، فتجدها تتأثر بشكل أكبر مما يمر معها من متاعب الحياة اليومية. من أبرز أسباب التوتر عند المرأة:
تقلبات هرمونية
التقلبات الهرمونية تشكل أحد أكثر الأسباب شيوعاً بين النساء، حيث تعاني بعضهن من خلل في هرمونات الدماغ التي تفرزها الناقلات العصبية، كما أن انخفاض مستوى هرمون التستوستيرون عند المرأة أكثر من الرجل من أبرز الأسباب وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالسعادة والمرح.
حدوث خلل في هرمونات الجسم قبل نزول الدورة الشهرية، وأثناء هذه الفترة وبعدها، إضافة إلى خلل هرموني بالجسم نتيجة الحمل أو في حالات اقتراب الولادة والرضاعة، ومن أهم هذه الهرمونات هرمون الإستروجين.
تعدّد المسؤوليات
تتميز شخصية المرأة بقدرتها على القيام بأكثر من مهمّة في وقت واحد؛ فالمرأة العاملة لديها الكثير من المسؤوليات والمهام الملقاة على عاتقها داخل المنزل وخارجه وهي تقوم بجهد كبير من أجل عدم التقصير في أي من تلك المهام، ويزداد الأمر صعوبة مع وجود أطفال.
ضغط العمل
الجهد والضغط المستمر خلال ساعات العمل يضع المرأة أمام تحديات كبيرة تسهم في زيادة تعرضها للتوتر بشكل مستمر؛ ففي بعض الوظائف، على المرأة أن تقوم بجهد إضافي من أجل إثبات وجودها كونها امرأة. كما تعاني بعض النساء من الإفتقار للتقدم الوظيفي أو قلة الأجر وطول ساعات العمل. أما في حال كانت سيدة أعمال، فهي دوماً في سباق مع الزمن من أجل تحقيق النجاح وضمان استمرارية مشروعها أو أي نشاط تقوم به.
أفكار خاطئة
تعاني بعض النساء من تبني بعض الأفكار والمعتقدات الخاطئة نتيجة البيئة المحيطة والتي تؤدي إلى الشعور بالقلق والتوتر الدائم.
كما أن تحمل المرأة العاملة مسؤوليات المنزل من دون مساعدة الزوج بسبب الإعتقاد الخاطئ المتعلق بتحمل المرأة لهذه المسؤوليات بمفردها يجعلها تحت تأثير الضغط والتوتر الدائمين.
الأعراض
تنقسم أعراض القلق والتوتر لدى النساء ما بين النفسية والجسدية؛ تشمل الأعراض النفسية تقلبات في المزاج وعدم وجود صفاء ذهني والحزن الشديد والخوف والعصبية ونقص التركيز واضطراب في النوم والإنسحاب الإجتماعي.
أما الأعراض الجسدية والجسمانية، فتشمل تسارع في ضربات القلب، ورعشة، وأوجاع متفرّقة في أنحاء الجسم، اضطراب في المعدة، وآلام في القولون، وحدوث ارتجاع بالمريء، وحموضة، وضيق في التنفس. عموماً، تتمثّل أعراض الإصابة باضطراب القلق العام والتوتر عند المرأة:
- عدم الشعور بالراحة النفسية رغم عدم وجود سبب مباشر.
- الخمول والكسل وعدم الرغبة بالقيام بالمهام اليومية.
- صعوبة في اتخاذ القرارات وعدم القدرة على التركيز.
- عدم القدرة على النوم، أو النوم بشكل غير منتظم.
- شد عضلي وتشنجات في منطقة الرقبة والرأس ينتج عنها صداع مستمر.
تأثيرات ومضاعفات
القلق والتوتر يؤثران بشكل كبير على سائر أعضاء الجسم، وتتمثل أبرز تلك التأثيرات:
الجهاز العصبي المركزي
إفراز هرمونات التوتر بشكل مستمر نتيجة التوتر المزمن يؤدي إلى اضطرابات في الجهاز العصبي، ويبدو ذلك من خلال ظهور بعض المشاكل الصحية مثل الصداع والدوخة والإكتئاب. كما تكون المرأة أكثر عرضة للإضطرابات النفسية مثل الهلع أو الوسواس القهري. صداع التوتر والصداع النفسي من الأعراض الشائعة التي غالباً ما تترافق مع التوتر عند النساء.
القلب والأوعية الدموية
التوتر بحد ذاته يؤدي إلى زيادة ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، والنساء المصابات بالتوتر المزمن أو القلق هن أكثر عرضة للمعاناة من مشاكل القلب والأوعية الدموية بسبب ارتفاع معدل ضربات القلب باستمرار وارتفاع ضغط الدم والتعرّض المفرط للكورتيزول (هرمون التوتر).
يمكن أن تسبب اضطرابات القلق خفقان القلب وسرعة نبضاته، وألمًا في الصدر، وقد يكون الشخص أيضًا أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب؛ وإذا كان الشخص يعاني بالفعل من أمراض القلب، فقد تزيد اضطرابات القلق من مخاطر الإصابة بالمضاعفات.
الجهاز الهضمي
يسبب التوتر لدى بعض النساء آلاماً في المعدة وغثيان وإسهال، بالإضافة إلى مشاكل أخرى مثل فقدان الشهية ومتلازمة القولون العصبي. في المقابل، تعاني بعض النساء من السمنة بسبب التوتر بسبب ما يسمى بظاهرة الأكل العاطفي، أي أنها تُقبل على تناول الطعام بكثرة عند تعرضها للتوتر والقلق.
الجهاز التنفسي
التوتر والقلق يفاقمان من أعراض نوبة الربو، حيث يؤدي القلق إلى سرعة التنفس؛ فإذا كان الشخص مصابًا بمرض الإنسداد الرئوي المزمن، قد يحتاج لدخول مركز رعاية طبي لحمايته من المضاعفات المرتبطة بالقلق.
فترة الحمل
تواجه النساء الكثير من الإضطرابات خلال أشهر الحمل بسبب التقلبات الهرمونية التي تحدث، فضلاً عن المتاعب الصحية مثل التقيؤ والغثيان وغيرها الكثير. أضف إلى ذلك التوتر من فكرة المولود الجديد والمسؤولية التي تؤرقها لاسيما في حال كانت تخوض هذه التجربة للمرة الأولى.
الدورة الشهرية
التغير الهرموني الذي تمر به المرأة في مرحلة ما قبل الدورة الشهرية وخلالها يجعلها في قلق وتوتر دائم لاسيما إذا كانت تعاني من متلازمة ما قبل الحيض وما يرافقها من آلام هي بحد ذاتها مصدر للتوتر.
العلاج
بشكل عام، تعتبر المرأة أكثر انفتاحاً على العلاج عند إصابتها بمرض نفسي ما، حيث تسعى إلى زيارة مراكز العلاج النفسي بحثاً عن حل لمشكلتها وكيفية التخلص منها أو التعايش معها. بالحديث عن القلق والتوتر، فقد يكون العلاج إما عن طريق تناول بعض الأدوية المهدّئة والتي تحفّزها على التفكير بإيجابية. إلا أن الأهم هو العلاج النفسي الذي يهدف إلى إدخال تعديلات سلوكية على حياة المرأة اليومية وحثّها على استبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية تجعلها في حالة توازن عاطفي.يمكن أن تخضع السيدة للعلاج النفسي السلوكي الإدراكي وذلك بحسب الحالة التي وصلت لها أو درجة التوتر الذي تشعر به، ويكون العلاج من خلال جلسات عبر العلاج النفسي السلوكي الإدراكي تساعد المريضة في الرجوع بشكل تدريجي إلى حياتها الطبيعية قبل الإصابة بالقلق. يسهم هذا العلاج بإدخال تغيير على بعض السلوكيات والعادات غير السليمة أو الخاطئة التي تسبب القلق أو التوتر، بالإضافة إلى محو أو تغيير المعتقدات وأفكار القديمة المسببة للسلوك الخاطئ، والذي يؤدي في النهاية إلى الشعور بالقلق.
النوع الآخر من العلاج هو العلاج النفسي التحليلي ويكون عادة طويل الأمد وذلك في حالات القلق المزمن، حيث يتعمّق الطبيب المعالج في مشاعر المريضة للوصول إلى أساس الفكرة التي تسبب لها القلق أو التوتر والتي تكون نتيجة تعرضها لصدمة ما في الصغر وليس بالضرورة أن تكون صدمة كبيرة ولكن ترجمها الوعي الطفولي على أنها صدمة؛ بمجرد الوصول إلى هذه الصدمة وعلاجها تتخلص المريضة من الفكرة المسيطرة لها، والتي تكون السبب الرئيسي في هذا التوتر. ينصح الأطباء بممارسة التمارين الرياضية وتمارين الإسترخاء مثل اليوغا، بالإضافة إلى الإنخراط في الحياة الإجتماعية وتجنّب العزلة والإهتمام بالذات والترفيه عن النفس والحد من الضغوطات اليومية.