التمارين الرياضية والنظام الغذائي
التمارين الرياضية والنظام الغذائي
قُمْ وامْشِ… علاجك بين يديك
يشكل النظام الغذائي غير الصحي وقلة النشاط البدني عاملين مؤثرين في تزايد انتشار الأمراض غير السارية الرئيسية مثل أمراض القلب والأوعية والسرطان والسكري وسواها. من هنا فقد اعتمدت منظمة الصحة العالمية استراتيجية فعّالة للحد من هذه الأمراض ومن الوفيات الناتجة عنها. وذلك من خلال تحسين النظم الغذائية وحث الناس على القيام بالمزيد من النشاط البدني. وتقدِّم هذه الإستراتيجية توصيات للدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والشركاء الدوليين والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات المعنية. وشددت الإستراتيجية على ضرورة تعزيز النظم الغذائية الصحية وممارسة النشاط البدني بانتظام، للوقاية من الأمراض غير السارية.
أقرت جمعية الصحة العالمية في عام2013 خطة العمل العالمية الخاصة بالأمراض غير السارية، والتي تتضمن مجموعة من الإجراءات المتعلقة بالدول الأعضاء والشركاء الدوليين وأمانة منظمة الصحة العالمية، لتعزيز النظم الغذائية الصحية والنشاط البدني، ولتحقيق الأهداف العالمية الطوعية التسعة المتعلقة بالأمراض غير السارية؛ لا سيما تلك المتعلّقة بالنظام الغذائي وبالنشاط البدني، لتنفيذها بحلول العام 2025.
التمارين للمرضى والأصحاء
أكدت أكثر من دراسة حديثة أن طول العمر، مرهون بإقران الطعام الصحي وممارسة الرياضة بانتظام. وشددت على عامل الرياضة في تحسين الحالة الصحية للأصحاء كما للمرضى. وأظهرت النتائج التي نُشرت في مجلة بريطانية للطب الرياضي، أن أولئك الذين يمارسون الرياضة بشكل متكرر ويأكلون جيدا هم أقل عرضة للوفاة، وأن المستويات العالية من النشاط البدني لا تتصدى للآثار الصحية السلبية للنظام الغذائي السيئ.
وأشار الباحثون إلى “أن الالتزام بالنظام الغذائي الجيد والنشاط البدني الكافي مهم للحد من مخاطر الوفاة من جميع الأسباب، أمراض القلب والأوعية الدموية، الأمراض القلبية الوعائية والأمراض السرطانية، المرتبطة بالسمنة”.
قام الباحثون بتقييم بيانات الصحة والتمارين الرياضية لـ 346627 فردا على مدار 11 عاما، تتبّعوا خلالها مقدار التمارين التي أكملها كل مشارك في أسبوع متوسط، إلى جانب مدى شدة نشاطهم البدني، كما تتبّع الفريق عادات الأكل لدى المشاركين، خلال فترة الدراسة. ووجد فريق البحث أن أي نوع من التمارين المنتظمة كان مرتبطا بانخفاض خطر الوفاة، وأولئك الذين يأكلون جيدا ويمارسون الرياضة على حد سواء، كانوا أقل عرضة للوفاة. في حين أن التمارين والنظام الغذائي مرتبطان بشكل مستقل بانخفاض خطر الوفاة، فإن المستويات العالية من التمارين لا يمكن أن تخفف تماما من أضرار النظام الغذائي السيئ.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور في كلية سيدني للصحة العامة ميلودي دينج:” أولئك الذين تناولوا نظاما غذائيا رديئا وكانوا نشطين ما زالوا يقللون بشكل كبير من مخاطر الوفيات من أولئك الذين اتبعوا نظاما غذائيا رديئا وكانوا غير نشطين”.
ومن المعروف أن النظام الغذائي والتمارين الرياضية يمكن أن يساعد كل منهما في الوقاية من مجموعة من الأمراض المزمنة. وفي هذا السياق قال الدكتور إريك وينر، مدير مركز ييل للسرطان، والطبيب العام في مستشفى سميلو للسرطان، ورئيس الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري (ASCO):”كل من ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي مفيد من حيث المشاكل الطبية الأخرى، ولم يتم تحديد التفسيرات العلمية الأساسية بشكل كامل، ولكن خلاصة القول هي أنه إذا أراد الناس تقليل فرصهم في الوفاة من أمراض القلب والأوعية الدموية والعديد من أنواع السرطان، فإنهم بحاجة إلى مراقبة نظامهم الغذائي وممارسة الرياضة”.
بين الأكل وممارسة الرياضة
علينا جميعا فهم الرابط بين الأكل وممارسة الرياضة، لكن الأمر قد يبدو أكثر إلحاحا بالنسبة للبدناء. ويقول الباحثون “إن معرفة ما تتناوله ووقت تناوله يصنع الفارق في ممارسة التمارين”. وقد أظهرت دراسة أعدها فريق مايو كلينك أن الأكل والرياضة مرتبطان أحدهما بالآخر. توقيت ونوعية الطعام مهمان لتحديد شعورك عند التمرين، سواء أكان تمرينًا غير منتظم أو تدريبًا لمسابقة. واعتبر الفريق المذكور أنه يجدر الأخذ في الاعتبار عددا من النصائح المتعلقة بالتغذية وممارسة الرياضة، بهدف الاستفادة القصوى من التمارين. ويضيف: إذا كنت تريد أن تشعر بتحسن، وتنعم بحيوية وطاقة أكثر وتعيش حياة أطول، فعليك مارسة الرياضة. ويشير إلى أنه من الصعب تجاهل الفوائد الصحية لممارسة الرياضة والأنشطة البدنية المنتظمة، إذ يستفيد منها الجميع بغض النظر عن السن أو الجنس أو القدرة البدنية.
وأشار فريق مايو كلينيك إلى النقاط التالية:
تحكُّم التمارين الرياضية في الوزن، إذ من الممكن أن تساعد في الحؤول دون الاكتساب المفرط للوزن أو المساعدة في الحفاظ على خسارة الوزن. عند الاشتراك في نشاط بدني، يحرق جسمك السعرات الحرارية. وكلما زادت شدة النشاط، زادت نسبة حرق السعرات الحرارية.
ممارسة الرياضة تخفّف من الحالات المرضية الناتجة عن الوزن الزائد، إذا كان وزنك أعلى من المعدل الصحي، فلا بأس، فكونكَ نشيطًا يُعزِّز البروتينات الدهنية العالية الكثافة (HDL)، أو الكوليستيرول “المفيد”، ويُقلِّل من الدهون الثلاثية غير الصحية. ويُساعد الانتظام في ممارسة التمارين الرياضية في منع أو معالجة المشاكل الصحية، مثل السكتة الدماغية، ومتلازمة التمثيل الغذائي، وارتفاع ضغط الدم، والسكري من النوع الثاني، والإكتئاب وغيرها… ممارسة الرياضة تُحسن الحالة المزاجية عموما، لكنها في شكل أخص تساعد في تحسين الحالة النفسية للبدناء وغير المنتظمين في تناول الطعام لا سيما الصحي منه. قد تشعر كذلك برضا أكبر عن مظهرك وعن نفسك عندما تمارس الرياضة بانتظام، ما يمكن أن يعزِّز ثقتك بنفسك ويحسِّن تقديرك لذاتك. وتقترح الإرشادات توزيع هذه التمارين على مدار الأسبوع كله.
ويُوصى بممارسة الرياضة لمدة 300 دقيقة على الأقل أسبوعيًا لتحقيق فائدة صحية أكبر ولمساعدتك على إنقاص الوزن أو تثبيت الوزن بعد فقدانه. وتوصي الإرشادات الحالية، التي نشرتها وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية بممارسة التمارين الهوائية متوسطة الشدة لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا أو 75 دقيقة أسبوعيًا من التمارين الهوائية القوية.
الرياضة وجراحة إنقاص الوزن
وجد باحثو جامعة فلوريدا تحسنًا في النشاط البدني للمشاركين في دراسة على البالغين الذين خضعوا لجراحة إنقاص الوزن، ونوعية النظام الغذائي بعد الجراحة. وأشارت النتائج إلى أن المرضى قد يحتاجون إلى دعم مستمر لمساعدتهم على الحفاظ على فقدان الوزن والفوائد الصحية الأخرى للجراحة.
وقال الدكتور” يونج روك هونج”، أستاذ أمراض السمنة فى كلية الطب جامعة “واشنطن: “لا يمكن لجميع المرضى بعد الجراحة أن يكونوا نشيطين بدنيًا حسب الرغبة بسبب استمرار الجهاز العصبي والعضلي الهيكلي أو عوامل أخرى، ولكن يجب تشجيع النشاط البدني بشدة لدى أولئك الذين يمكنهم المشاركة من أجل تعظيم فوائد جراحة التمثيل الغذائي”.
وأفاد الأشخاص الذين خضعوا لجراحة السمنة أنهم يقضون وقتًا أطول في الأسبوع في ممارسة نشاط بدني متوسط إلى قوي مقارنة بالأشخاص المؤهلين لإجراء الجراحة، لكنهم لم يخضعوا لها.